و إخبار الاحبار عنه عليه السلام قبل ولادته بسنين و اعوام.
و من ذلك ما ظهر له من الكرامات عند ميلاده، كارتجاج[1] ايوان كسرى حتّى سقط من اربع عشرة
شرافة، و غوص بحيرة ساوه، و خمود نار فارس، و لم تحمد قبل بالف سنة، و اضطراب
الاحبار و الرّهبان عند ولادته، حتّى راه بعضهم و عرف خاتم النبوّة على جسمه
الشريف فقال انّه نبىّ السّيف، و حذر اليهود منه، و تهنية أمّه من جهة السّماء، و
ما ظهر لها من الكرامات حين الحمل.
و كفى بكتاب اللّه معجزا مستمرا مدى الدّهر حيث اقرّت له العرب
العرباء و أذعنت له جميع الفصحاء و البلغاء، مع انّ معارضته كانت عندهم من اهمّ
الاشياء.
على انّ النّظر فى اخلاقه الكريمة و احواله المستقيمة كفاية لمن نظر،
و حجة واضحة لمن استبصر، ككثرة الحلم، وسعة الخلق، و تواضع النّفس، و العفو عن
المسيء، و رحمة الفقراء، و اعانة الضعفاء، و تحمّل المشاقّ، و جمع مكارم الاخلاق،
و زهد الدنيا مع اقبالها عليه و صدوده عنها مع توجّهها إليه، و له من السّماحة
النصيب الاكبر، و من الشجاعة الحظّ الأوفر، و كان يطوى نهاره من الجوع و يشدّ حجر
المجاعة على بطنه، و يجيب الدّعوة، و يأكل أكل العبد، و كان بين الناس كاحدهم، و
لازم العبادة حتّى و رمت قدماه، الى غير ذلك من المكارم الّتي لا تحصر، و المحاسن
الّتي لا تسطر.