لأصحابك لا ينبغي لأحد أن يتخلف عن دعوة
الشرع ويتكبّر عليه جيئوني به ولو قهراً، فجاءهم وأخبرهم الخبر فبقوا تلك الليلة
يتفكّرون في تدبير الأمر، فلمّا أصبحوا سمعوا الناعية والواعية في قصر السيّد،
وإذا بالسيد أصبح مقتولًا في قصره ولا يعلم بقاتله.
فرجع عبّاس بأصحابه، وجاء الرحباويّون بجنازة السيّد ودفنوها في
النجف، وتفاقم الأمر وأعضوضل[1] الخطب حيث
أنّه لم يكن يدور في خلد أحد أنَّ السيد محموداً يقتل لعظمته وشدّة بأسه وسطوته
حتى أنّ عرب العراق ونجد والحجاز يرونه إماماً يحلفون به ويتحاكمون في داره، وكان
المتهم بقتله بني عمّه وأصحاب الشيخ.
فأما بنو عمّه فتنصلوا من ذلك وتبرؤا من ذلك عند بني أخته المعروفين
ببيت الملّة، وكان رئيسهم حاكم النجف ملّا محمد[2]
وكان هو المطالب بثأره مع أختيه المتقدمتين، فأنحصر ثأره بأصحاب الشيخ، وحيث كانوا
أشتاتاً ورئيسهم الشيخ جعلوا يرمونه بذلك ويطلبون الثأر منه ومن بنيه، فكان ملّا
محمد يجلس في باب الطوسي[3] على إحدى
الدكتين اللّتين في الصحن على رأس دهليز[4]
الباب وعبيده يبن يديه، ثم يأمر بغلق أبواب الصحن ما عدا هذا الباب لينحصر الطريق
عليه، فكان كلّما مرَّ رجل من المؤمنين أو طلبة العلم ممّن يظنّ أنّهم من أصحاب
الشيخ وبطائنه يقول له: أيه يا ملعون يا زقرتي تمشي على الأرض بطولك آمناً وفي
بطنك دم السيد محمود لا يكون ذلك، فكانوا يتضرعون بين يديه، ويقولون: لا والله
لسنا
[2] هو الملا محمد طاهر ابن الملا محمود تقلّد
منصب السدانة في سنة( 1235 ه-) وأسرته تُعرف بآل الملالي أنتجت الكثير من العلماء،
قُتِلَ الملا محمد سنة( 1242 ه-) في رواق الحرم الحيدري بالرصاص.
[3] وهي باب الصحن الشريف المقابلة لقبر شيخ
الطائفة الشيخ الطوسي، فسميت باسمه.