بدون رحمة، ولولا مساعي الشيخ جعفر وإخوانه لما كان مصير مدينة
النجف أحسن حالًا من مدينة كربلاء التي دمرها الغزاة وعاثوا بها وبأهلها تقتيلًا
وتنكيلًا.
أجل لقد كان فرسان الدفاع عن البلد وحماته هم أنفسهم أبطال العلم
وقادته ...
وكانت ثالثة الأثافي حادثة الزكرت والشمرت.
تعني كلمة (زقرت) أو (زقرتي) من كان مسؤولًا عن نفسه فقط ولا مسؤولية
له عن غيره، وهو تعبير لا يزال إستعماله قائماً في اللهجة العراقية المحلية، وتسمى
بهذه التسمية نفر من شباب النجف اللذين نهضوا بمسؤولية الدفاع عن المدينة وحمايتها
ضد الغارات المعادية، واللذين تدربوا على السلاح بأمر الشيخ جعفر الكبير ورعايته.
إما (الشمرت) فهي كلمة مصحفة من كلمة شمردل التي تعني الشجاع.
وخلاصة الموضوع هو: أن هناك خلافاً بين الشيخ جعفر والسيد الرحباوي
بسبب موقف السيد من الغارات التي تستهدف النجف، ولأسباب أخرى أيضاً، وحيث أن الرحباوي
قُتل في قصره في منطقة الرحبة بشكل غامض ألقى ألقى أخواله من آل"
الملالي" وهم سدنة الحضرة الحيدرية، مسؤولية القتل على الشيخ جعفر وجماعته،
وتبادل الطرفان التهم والقذف، ثمَّ سرعان ما تطور الخلاف إلى نزاع مسلحٍ زاد في
عُرامته تحالف جماعات أخرى مع كل طرف.
لقد أنقلب هذا النزاع العنيف إلى (حرب أهلية) بكل ما لهذه العبارة من
أبعاد دموية مشؤومة، تسابق فيها الطرفان في الصعود إلى الحصون العالية من مساجد
ومنائرٍ، وتبادلا إطلاق النار بشكل عشوائي مما ذهب ضحيته الكثيرُ من الناس ومن
مختلف الطبقات، وأنتهكت فيه حرمة الكثير من أهل العلم والفضل حتى تعذّر على