و هذه الدعوى أيضاً لا يمكن المساعدة عليها، بل الصحيح ما عليه مشهور
الفقهاء و المفسّرين من اختصاص الآية المباركة بالنحو الثالث من المحاربة، أعني
محاربة المسلمين بقصد الإفساد و الإخافة و عدم شمولها لمحاربة البغاة و لا الكفّار.
التعرّض لكلمات الفقهاء:
و لنستهدي أوّلًا بكلمات فقهائنا الأبرار قدّس اللَّه أسرارهم في
تفسير الآية الكريمة و فهمهم منها ثمّ نعود إلى توضيح وجه هذا الاستظهار، فنقول:
ذكر شيخنا الصدوق قدس سره في الهداية- باب الحدود:
«و المحارب يقتل أو يصلب أو تقطع يده و رجله من خلاف أو ينفى من
الأرض كما قال اللَّه عزّ و جلّ. و ذلك مفوّض إلى الإمام إن شاء صلب و إن شاء قطع
يده و رجله من خلاف و إن شاء نفاه من الأرض» ([1]).
و قال شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة في كتاب الحدود و الآداب:
«و أهل الدّغارة إذا جرَّدوا السلاح في دار الإسلام، و أخذوا
الأموال، كان الإمام مخيّراً فيهم: إن شاء قتلهم بالسيف، و إن شاء صلبهم حتى
يموتوا، و إن شاء قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف، و إن شاء نفاهم عن المصر إلى غيره
...» ([2]).
و صريح كلام العلمين دخول المحارب بالمعنى المصطلح أعني من شهر
السلاح لإخافة الناس و الدغارة- و هي السلب و النهب- في الآية.
و أمّا اختصاص الآية بذلك و عدم شمولها لمحاربة الكفّار أو البغاة
فاستفادته من كلامهما مبني على استظهار ذلك من سكوتهما عن إيراد ذلك فيمن يجري
عليه حكم هذا الحدّ و اقتصارهما على المحارب بالمعنى المصطلح فقهياً، مع أنّهما
كانا