نعم، قد يدّعى إطلاق الآية و شمولها للباغي أيضاً رغم أنّ المتيقّن
منها أو موردها المحاربة بنحو الإخافة و سلب الأمن، بتقريب: أنّ عنوان المحاربة
المضافة إلى اللَّه و الرسول و لو بالعناية تصدق في النوعين، فلا وجه لتخصيصها
بأحدهما و إن كان مورداً لها؛ فإنّ المورد لا يكون مخصّصاً، فيتمسّك بإطلاق الآية
لمن يحارب الدولة الإسلامية و يخرج عليها- المعبّر عنه في الفقه بالبغي- لإثبات
نفس الحدّ عليه أيضاً.
و قد يستشهد له بما ورد في معتبرة طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه
السلام قال:
سمعته يقول: «كان أبي يقول: إنّ للحرب حكمين، إذا كانت قائمة لم تضع
أوزارها و لم يثخن (تضجر) أهلها فكل أسير اخذ في تلك الحال فإنّ الإمام فيه
بالخيار إن شاء ضرب عنقه و إن شاء قطع يده و رجله من خلاف بغير حسم و تركه يتشحّط
في دمه حتى يموت، فهو (و هو) قول اللَّه عزّ و جلّ: «إِنَّما
جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ
فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ
أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ» أ لا ترى أنّ المخيّر الذي
خيَّر اللَّه الإمام على شيء واحد و هو الكفر (الكلّ) و ليس هو على أشياء مختلفة،
فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قول اللَّه عزّ و جلّ: «أَوْ
يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ» قال: ذلك الطلب (للطلب) أن
تطلبه الخيل حتى يهرب فإن أخذته الخيل حكم عليه ببعض الأحكام التي وصفت لك. و
الحكم الآخر: إذا وضعت الْحَرْبُ أَوْزارَها و أثخن أهلها، فكل أسير اخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام
فيه بالخيار إن شاء منَّ عليهم، و إن شاء فاداهم أنفسهم، و إن شاء استعبدهم فصاروا
عبيداً» ([1]).