بصدد بيان الحدود المقرّرة شرعاً، فلو
كان هذا الحدّ حكماً و حدّاً شرعياً ثابتاً في كلّ محارب بالمعنى الأعمّ لكان
ينبغي ذكر حرب الباغي أو الكافر في موضوعه أيضاً و عدم الاقتصار فيه على ذكر خصوص
المحاربة بالمعنى الأخص.
و قال شيخ الطائفة قدس سره في المبسوط- كتاب قطّاع الطريق: قال
اللَّه تعالى: «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ...» و اختلف الناس في المراد بهذه الآية فقال قوم: المراد بها أهل
الذمّة إذا نقضوا العهد و لحقوا بدار الحرب و حاربوا المسلمين فهؤلاء المحاربون
الذين ذكرهم اللَّه في هذه الآية و حكمهم فيما ارتكبوه من المعصية هذه العقوبة
التي ذكرها اللَّه.
و قال قوم: المراد بها المرتدّون عن الإسلام إذا ظفر بهم الإمام
عاقبهم بهذه العقوبة لأنّ الآية نزلت في العرنيّين لأنّهم دخلوا المدينة
فاستوخموها فانتفخت أجوافهم و اصفرّت ألوانهم فأمرهم النبيّ صلى الله عليه و آله و
سلم أن يخرجوا إلى لقاح إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها و أبوالها ففعلوا ذلك
فصحّوا فقتلوا الراعي و ارتدّوا و استاقوا الإبل فبعث النبي صلى الله عليه و آله و
سلم في طلبهم فأخذهم و قطع أيديهم و أرجلهم و سمل أعينهم و طرحهم في الحرّة حتى
ماتوا فالآية نزلت فيهم.
و قال جميع الفقهاء: إنّ المراد بها قطاع الطريق و هو من شهر السلاح
و أخاف السبيل لقطع الطريق.
و الذي رواه أصحابنا أنّ المراد بها كلّ من شهر السلاح و أخاف الناس
في برّ كانوا أو في بحر و في البنيان أو في الصحراء و رووا أنّ اللص أيضاً محارب،
و في بعض رواياتنا أنّ المراد بها قطّاع الطريق كما قال الفقهاء» ([1]).
و كلامه صريح في اختصاص الآية بالمحارب بالمعنى الأخصّ غاية الأمر
ذكر أنّ جميع الفقهاء- و يقصد بهم العامّة- جعلوها خاصة بقطّاع الطريق و هو من شهر