محارباً للرسول حقيقة. نعم إن قام دليل
خاصّ على إرادة ذلك فلا بأس به؛ فإنّه من المصاديق الادّعائية للموضوع المذكور في
الآية، و مصحّح الادّعاء فيه موجود، فإنّ من قام بالسلاح بصدد رفع الأمن الذي
تقيمه الدولة الإسلامية كأنّه حارب الدولة أيضاً، إلّا أنّ شمول العموم للمصاديق الادّعائية
خلاف الظاهر لا يمكن القول به إلّا بدليل و قرينة، و لا قرينة على ذلك في الآية،
فلو بقينا و نفس الآية فهي لا تشمل موارد شهر السلاح لإخافة السبيل ([1]).
و نلاحظ على هذا الكلام:
أوّلًا: ما أشرنا إليه من أنّ الاضافة الحقيقية
للمحاربة إلى اللَّه و الرسول غير صادقة حتى في مورد البغي و الخروج على الحكم
الإسلامي، و مجرّد أنّ الدولة الإسلامية مؤسّسها الأوّل في عهدها الأوّل كان رسول
اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لا يكفي لصدق المحاربة و المقاتلة للرسول لمن
يخرج عليها اليوم حقيقة، فلا بدّ من فرض العناية في الاسناد أو الكلمة على كلّ
تقدير، و تلك العناية كما تصحّ في حقّ الخروج و المحاربة للدولة الإسلامية، كذلك
تصحّ في حقّ محاربة المسلمين لسلب أمنهم و إخافتهم، فإنّ الامّة الإسلامية أيضاً
من صنع الرسول و تحت ولايته، و هذا واضح.
و ثانياً: قد ثبت في شأن نزول الآية المباركة
بروايات الفريقين و كتب التفسير و التاريخ أنّها نزلت في قصّة العرنيين أو قوم من
بني ضبة قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم مرضى فقال لهم رسول
اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: «أقيموا عندي فإذا برئتم بعثتكم في سرية،
فقالوا: أخرجنا من المدينة، فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها و يأكلون
من ألبانها، فلمّا برءوا و اشتدّوا قتلوا ثلاثة ممّن كانوا في الإبل، فبلغ رسول
اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم الخبر فبعث إليهم عليّاً عليه السلام و هم في
وادٍ