بل نفس سياق إضافة المحاربة إلى اللَّه و
الرسول معاً قرينة على إرادة معنى أوسع من المقاتلة بالمباشرة و الشخصية. و هذا
المعنى مردّد بين أمرين:
1- إرادة مطلق العصيان و مخالفة حكم اللَّه و الرسول- كما ذكره في
لسان العرب في ذيل الآية ([1])-، و هو ظاهر العلّامة
الطباطبائي قدس سره في تفسيره ([2])، فيكون كالمجاز في الكلمة و
من استعمال المحاربة في مطلق العصيان و المخالفة.
2- أن يراد به محاربة المسلمين غاية الأمر اضيف إلى اللَّه و الرسول
تعظيماً للفعل و إشعاراً بأهمّية الامّة الإسلامية و أنّ محاربتها بمثابة محاربة
اللَّه و الرسول؛ لأنّ الامّة منتسبة إليهما و تحت ولايتهما، فيكون كالمجاز في
الاسناد. و هذا هو ظاهر الفاضل المقداد في تفسيره ([3]).
و الظاهر أنّ المتعيّن من الاحتمالين هو الثاني منهما؛ لأنّه مقتضى
أخذ عنوان الحرب في الكلام فلا وجه لإلغاء معناه كلّياً، و لأنّ عناية المجاز في
الاسناد أخف و أبلغ في المقام؛ لأن كون الامّة الإسلامية من صنع اللَّه و الرسول و
منتسبة إليهما بحيث تكون محاربتها محاربة لوليّها نكتة عرفية بليغة و واضحة بخلاف
استعمال مادة المحاربة في مجرّد المعصية و مخالفة الأمر و النهي.
و عندئذٍ لا بدّ من ملاحظة أنّ أية محاربة للمسلمين هي المنظورة في
هذا المعنى العنائي؟ إذ المسلمون قد يحاربون من قِبل الكفّار، و قد يحارب بعضهم
بعضاً بغياً و خروجاً على الحكم، و قد يحارب بعضهم بعضاً لسلب الأمن و الإخافة و
أخذ المال أو النفس، فكلّ هذا من المحاربة التي يمكن أن تضاف بالعناية إلى اللَّه
و الرسول فيكون مصداقاً للآية الكريمة.