فهل الموضوع عنوان المحارب أو عنوان
المفسد في الأرض أو مجموعهما أو كلّ منهما مستقلّاً بناءً على أنّهما قد يفترقان؟
و لأجل تنقيح البحث نورد الكلام في ثلاث جهات:
الجهة الاولى فيما يستفاد من الآية المباركة في نفسها
و الوارد فيها قيدان (محاربة اللَّه و الرسول) و (الإفساد في الأرض)
فلا بدّ من الحديث عن كلّ منهما.
القيد الأوّل:
محاربة اللَّه و الرسول:
أمّا قيد المحاربة فهو من الحرب، و هو نقيض السلم ([1])،
و أصله السلب، و منه حَرَب الرجل مالَه أي سلبه فهو محروب و حريب ([2])،
و إطلاقه على المجرِّد للسلاح من أجل القتال أو الإخافة باعتبار أنّه يريد أن يسلب
النفس أو المال أو السلطان و الملك من الطرف الآخر.
و أيّاً ما كان فإضافته إلى اللَّه و الرسول في الآية المباركة قرينة
على عدم إرادة معناه الحقيقي في حقّهما؛ لأنّه في حقّ اللَّه سبحانه و تعالى
ممتنع، و في حقّ الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و إن كان ممكناً إلّا أنّه غير
مراد قطعاً؛ إذ ليس المقصود من الآية خصوص من يحارب شخص رسول اللَّه صلى الله عليه
و آله و سلم و إلّا لاختصّت بزمان حياته، مع أنّ من كان يقاتلهم الرسول صلى الله
عليه و آله و سلم في حروبه إنّما هم الكفّار في زمانه و هم خارجون عن الآية جزماً،
على ما سيأتي.