و المقصود بالبحث تشخيص حدود ما هو موضوع الحدّ الثابت شرعاً للمحارب
بنصّ الكتاب الكريم في آية المحاربة- و هي قوله تعالى: «إِنَّما
جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ
فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ
أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي
الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ* إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ
قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ([1])- و بالروايات المتواترة ([2])،
حيث وقع الكلام كثيراً في تنقيح ما هو موضوع هذا الحدّ، و أنّه خصوص من شهر السلاح
للإخافة، أو مطلق المحارب للَّه و الرسول و لو بنحو البغي مثلًا، أو أنّه مطلق
المفسد في الأرض و لو لم يكن بنحو المحاربة أصلًا.
و الأصل في هذا البحث ما هو المستظهر من الآية المباركة و الروايات
الخاصّة المتعرّضة لهذا الحدّ؛ فإنّ الوارد فيها عنوان المحاربة للَّه و الرسول و
الإفساد في الأرض.