فيما فرضه اللَّه و أنزله في القضاء،
فيكون تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقية له؛ ففرق بين أن يقال: احكم بالواقع و
الحقّ، أو أن يقال: احكم بما أنزل اللَّه، فإنّ الثاني يشمل جميع ما أنزل اللَّه
حتى في نفس القضاء و كيفيّته، و لا يختصّ بخصوص الحكم الواقعي المجعول على الموضوع
المترافع فيه، لكي يدلّ بالملازمة على جواز القضاء بالعلم، كما توهّم في
الاستدلال.
و ممّا يشهد على ذلك ما ورد في صحيح سليمان بن خالد الذي يرويه
الكليني قدس سره عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر
بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:
«لا يحلف اليهودي و لا النصراني و لا المجوسي بغير اللَّه، إنّ اللَّه عزّ و جلّ
يقول: «فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ»» ([1]) و قد نقله العيّاشي أيضاً عن
سليمان بن خالد ([2]). و لعلّه لهذه النكتة لم
يستند المشهور القائلون بالجواز بهذه الآيات، و إنّما اقتصروا على ما دلّ من
الآيات على الحكم بالحقّ و العدل و القسط، كما سيأتي في الوجه القادم.
الوجه السابع
: التمسّك بما دلّ من الآيات على الأمر بالحكم بالعدل و الحقّ و
القسط، كقوله تعالى: «يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ
خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ» ([3])، و قوله تعالى: «وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا
بِالْعَدْلِ» ([4])، و قوله تعالى: «وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ» ([5]).
[1] الكافي 7: 451، كتاب
الأيمان و النذور و الكفّارات، باب استحلاف أهل الكتاب، ح 4.