و تنفيذ الأحكام الشرعية؛ فإنّ الحكم في
اللغة أصله المنع و الإلزام و منه الأحكام الشرعية، و يأتي بمعنى العلم و الحكمة،
و بمعنى التنفيذ و منه الحاكم و الحكومة، و بمعنى مطلق القضاء الشامل للإفتاء و
بيان الحكم الكلّي و منه قضاء النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم بلا ضرر و لا ضرار
و غيره، و السياق و القرائن المذكورة في هذه الآيات يناسب إرادة المعنى الأعمّ.
كما أنّه في بعض الروايات فسّرت آية «يَحْكُمُ
بِهَا النَّبِيُّونَ ...» ([1])
بالإمامة و الحكومة، كما و طبق آيات «وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللَّهُ ...»* ([2])
على ما فعله الحكّام من منع الخمس و نصيب آل محمّد صلى الله عليه و آله و سلم.
و في معتبرة أبي بصير- بنقل الكليني قدس سره- عن أبي جعفر عليه
السلام قال: «الحكم حكمان: حكم اللَّه عزّ و جلّ، و حكم أهل الجاهلية، و قد قال
اللَّه عزّ و جلّ:
«وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ» و أشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية» ([3])
و كان قد حكم زيد بالعول و التعصيب و غيرها اجتهاداً و عملًا برأيه و اتّباعاً
لعمر و خلافاً على أمير المؤمنين عليه السلام.
و ثانياً: لو تنزّلنا عمّا سبق مع ذلك هناك إشكال
آخر على الاستدلال بهذه الآيات و حاصله: إنّ المأخوذ في موضوع الأمر في هذه الآيات
هو الحكم بما أنزل اللَّه، و هذا العنوان عامّ يشمل ما يشرّعه اللَّه في كيفيّة
القضاء أيضاً، فلو فرض احتمال أن يكون الميزان في جواز القضاء خصوص البيّنة و
اليمين مثلًا و أنّ العلم الشخصي للقاضي ليس حجّة قضائية لم يصحّ التمسّك بهذه
الآيات؛ لأنّه من الشكّ