و أما احتمال اختصاص الحكم المذكور
بالإمام المعصوم عليه السلام بالخصوص- أي بما هو معصوم لا بما هو إمام و ولي
الأمر- فخلاف ظاهر لفظ «الإمام» الوارد في الروايات الظاهر في معناه اللغوي و
العرفي العام لا المعصوم بالخصوص، خصوصاً مع ملاحظة أنّ الناقل للحديث طلحة بن زيد
العامي.
و ثانياً- لأنّه مقتضى الجمع بين دليل
جواز العفو عن حدود اللَّه في مورد الإقرار و بين ما دلّ على أنّ إقامة الحدّ إلى
السلطان أو الوالي أو الإمام. و إن شئت قلت: إنّ دليل جواز العفو ظاهره إثبات جواز
ذلك لمن بيده إقامة الحدّ، فإذا ثبت في محلّه أنّ إقامة الحدّ إلى ولي الأمر لا
القاضي ثبت- لا محالة- أنّ هذا الحق أيضاً ثابت له لا للقاضي، نعم له أن يفوّض هذا
الحق إلى من ينصبه لذلك أو يجعله والياً.
هذا كله في القسم الأول من العقوبات، و هو الحدود التي هي حقوق
اللَّه.
القسم الثاني- حقوق الناس
و أمّا القسم الثاني و هو الحدود التي هي حقوق الناس كحدّ الفرية و
القصاص- فإنّه حدّ بمعنى من المعاني- فالظاهر عدم جواز العفو عنه إلّا لمن جعل له
هذا الحق و بإذنه لأنّ هذا؛ هو مقتضى القاعدة، و هو المصرّح به في جملة من
الروايات أو مستفاد منها.
و أمّا مقتضى القاعدة فهو ما تقدّم من أنّ حق العفو للحاكم بحاجة إلى
دليل يثبته، و إلّا فالأصل الأولي- و هو إطلاق أدلّة الحدود- ينفيه، كما أنّ
الروايات المتقدمة التي دلّت على جواز العفو للحاكم في مورد الإقرار خاصةٌ بحق
اللَّه، فلا يمكن التعدّي منه إلى الحدود التي جعلت ملكاً للناس.
و أمّا الأدلّة الخاصة، فممّا ورد فيه عدم جواز العفو إلّا من قبل
صاحب الحق ذيل