«إني أراك شاباً لا بأس بهبتك»- أنّ
إجراء العقوبة قد اعطي بيد الحاكم حسب ما يراه و يشخّصه من المصلحة بشأن المجرم
الذي جاء بنفسه و أقرّ أو تاب، فهو يملك أن يمنَّ عليه و يعفو، أو أن يجري عليه
العقاب، أو يعفو عن البعض و يخفف عليه العقوبة؛ فإنّ من يملك هبة الكل يملك هبة
البعض أيضاً، هذا هو المتفاهم من الروايات، لا الدوران بين إجراء الحدّ أو العفو
عن كل الحدّ بالخصوص.
و دعوى ارتباطية الحدود، مدفوعة بأنّها خلاف الفهم العرفي، بل و
لازمه أنّ المقذوف لا يمكن أن يعفو عن بعض الجلد للقاذف، كما إذا رجع في أثناء
جلده عن الباقي.
كما أنّ التفصيل- بين العفو عن بعض الحدّ إلى الأقل من جنسه فيجوز
للحاكم، و التخفيف إلى جنس عقوبة اخرى أخفّ كالسجن أو الغرامة فلا يجوز؛ لكونها
عقوبة اخرى تحتاج إلى دليل- لعلّه خلاف المتفاهم العرفي في باب العقوبات العامة
المتروكة إلى الحاكم من أجل ردع الناس و إقامتهم على الجادّة و إن لم يكن خلاف
المتفاهم في باب حقوق الناس، فمن له حق القصاص ليس له العفو إلى الضرب أو بسجنه،
فتدبّر جيداً.
الجهة السادسة: في من بيده العفو، فهل هو
الحاكم بمعنى القاضي، أو الحاكم بمعنى ولي الأمر؟ الصحيح هو الثاني؛ و ذلك:
أولًا- لأنّه الوارد في الروايات الدالّة على
العفو إما صريحاً- كما في ذيل رواية طلحة بنقل الصدوق ([1])
و في رواية التحف ([2])- أو مورداً؛ حيث إنّ الوارد
فيها جميعاً أنّ أمير المؤمنين عليه السلام عفا عن المجرم و قد كان ولي الأمر،
فالتعدّي منه إلى القاضي غير وجيه.
[1] من لا يحضره الفقيه 4:
62، باب حدّ السرقة، ح 9.