نام کتاب : عدالة الصحابة على ضوء الكتاب و السنة و التاريخ نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 54
الشرع، و لما كررها فى كثير من
كتابه العزيز، و لما قال فى حق القاتل: (و غضب الله عليه و لعنه)، و ليس المراد من
قوله: (و لعنه) الا الامر لنا بان نلعنه، و لو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا ان
نلعنه، لان الله تعالى قد لعنه، أفيلعن الله تعالى انسانا و لا يكون لنا ان نلعنه!
هذا ما لا يسوغ فى العقل، كما لا يجوز ان يمدح الله انسانا الا و لنا ان نمدحه، و
لا يذمه الا و لنا ان نذمه، و قال تعالى: (هَلْ
أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ
اللَّهُ)، و قال: (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ
لَعْناً كَبِيراً)، و قال عز و جل: (وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ
أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا). و كيف يقول
القائل: ان الله تعالى لا يقول للمكلف: لم لم تلعن؟ الا يعلم هذا القائل ان الله
تعالى امر بولاية اوليائه، و امر بعداوة اعدائه، فكما يسأل عن التولى يسأل عن
التبرى! الا ترى ان اليهوى اذا اسلم يطالب بان يقال له: تلفظ بكلمة الشهادتين، ثم
قل: برئت من كل دين يخالف دين الاسلام، فلا بد من البراءة، لان بها يتم العمل! ألم
يسمع هذا القائل قول الشاعر:
تود عدوى ثم تزعم اننى
صديقك، ان الرأى عنك لعازب.
فمودة
العدو خروج عن ولاية الولى، و اذا بطلت المودة لم يبق الا البراءة، لانه لا يجوز
ان يكون الانسان فى درجة متوسطة مع اعداء الله تعالى و عصاته بالا يودهم و لا يبرأ
منهم باجماع المسلمين على نفى هذه الواسطة.
و
اما قوله: (لو جعل عوض اللعنة استغفر الله لكان خيرا له)، فانه لو استغفر من غير
ان يلعن او يعتقد وجوب اللعن لما نفعه استغفاره و لا قبل منه، لانه يكون عاصيا
لله، مخالفا امره فى امساكه عمن اوجب الله تعالى عليه البراءة منه، و اظهار
البراءة، و المصر على بعض المعاصى لا تقبل توبته و استغفاره عن البعض الاخر، و اما
من يعيش عمره و لا يلعن ابليس، فان كان لا يعتقد وجوب لعنه فهو كافر، و ان كان
يعتقد وجوب لعنه و لا يلعنه فهو مخطىء، على ان الفرق بينه و بين ترك لعنه رءوس
الضلال فى هذه الامة كمعاوية و المغيرة و امثالهما، ان احدا من المسلمين لا يورث
عنده الامساك عن لعن ابليس شبهة فى امر ابليس، و الامساك عن لعن هؤلاء و اضرابهما
يثير شبهة عند كثير من المسلمين فى امرهم، و تجنب ما يورث الشبهة فى الدين واجب،
فلهذا لم يكن الامساك عن لعن ابليس نظير اللامساك عن امر هؤلاء.
قال:
ثم يقال للمخالفين: ارأيتم لو قال قائل: قد غاب عنا امر يزيد بن معاوية و الحجاج
بن يوسف، فليس ينبغى ان نخوض فى قصتهما، و لا ان نلعنهما و نعاديهما و نبرأ منهما،
هل كان هذا الا كقولكم: قد غاب عنا امر معاوية و المغيرة بن شعبة
نام کتاب : عدالة الصحابة على ضوء الكتاب و السنة و التاريخ نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 54