وسَعى في إتلافِ عِبادِكَ وإفسادِ بِلادِكَ.
اللَّهُمَّ وقَد عادَ فَيئُنا دولَةً بَعدَ القِسمَةِ، وإمارَتُنا غَلَبَةً بَعدَ المَشورَةِ، وعُدنا ميراثاً بَعدَ الاختِيارِ لِلُامَّةِ، فَاشتُرِيَتِ المَلاهي وَالمَعازِفُ بِسَهمِ اليَتيمِ وَالأَرمَلَةِ، وحَكَمَ في أبشارِ المُؤمِنينَ[1] أهلُ الذِّمَّةِ، ووَلِيَ القِيامَ بِامورِهِم فاسِقُ كُلِّ قَبيلَةٍ، فَلا ذائِدٌ[2] يَذودُهُم عَن هَلَكَةٍ، ولا راعٍ يَنظُرُ إلَيهِم بِعَينِ الرَّحمَةِ، ولا ذو شَفَقَةٍ يُشبِعُ الكَبِدَ الحَرّى[3] مِن مَسغَبَةٍ[4]، فَهُم اولو ضَرَعٍ[5] بِدارٍ مَضيعَةٍ، واسَراءُ مَسكَنَةٍ وحُلَفاءُ[6] كَآبَةٍ وذِلَّةٍ.
اللَّهُمَّ وقَدِ استَحصَدَ زَرعُ الباطِلِ وبَلَغَ نِهايَتَهُ، وَاستَحكَمَ عَمودُهُ، وَاستَجمَعَ طَريدُهُ، وخَذرَفَ[7] وَليدُهُ، وبَسَقَ فَرعُهُ[8]، وضَرَبَ بِجِرانِهِ[9]، اللَّهُمَّ فَأَتِح لَهُ مِنَ الحَقِّ يَداً حاصِدَةً تَصرَعُ قائِمَهُ، وتَهشِمُ سوقَهُ[10]، وتَجُبُّ سَنامَهُ، وتَجدَعُ مَراغِمَهُ[11]، لِيَستَخفِيَ
[1]. قال المجلسي قدس سره:« أبشار المؤمنين: أي أبدانهم ودماؤهم وفروجهم»( بحار الأنوار: ج 85 ص 251).
[2]. الذَّود: المنع والطرد( انظر: المصباح المنير: ص 211« ذود»).
[3]. الحَرّى: فَعلى من الحَرّ؛ وهي تأنيث حَرّان، وهما للمبالغة، يريد أنّها لشدّة حرِّها عطشَت ويبست من العطش( النهاية: ج 1 ص 364« حرر»).
[4]. مسغبة: من السغب؛ وهو الجوع من الشعب. وقد قيل: في العطش من التعب( مفردات ألفاظ القرآن: ص 412« سغب»).
[5]. ضَرَعَ إليه يَضرَعُ ضَرَعاً وضَراعةً: خضع وذلَّ. وتضرَّع: تذلَّل وتخشَّع( لسان العرب: ج 8 ص 221« ضرع»).
[6]. في المصدر:« خُلَفاءُ»، وما أثبتناه من بحار الأنوار.
[7]. قال المجلسي قدس سره: قال الفيروزآبادى: الخذروف- كعصفور-: شيء يدوّره الصبيّ بخيط في يديه، فيُسمع لهدَوِيّ. والسريع في جَريه. وخَذرَفَ: أسرع( بحار الأنوار: ج 85 ص 252).
[8]. بَسَق فرعه: أي طال. وبَسَق الرجل في علمه: مَهَر( انظر: المصباح المنير: ص 49).
[9]. الجِران: مقدّم عنق البعير من مذبحه إلى منحره، فإذا برك البعير ومدّ عنقه على الأرض قيل: ألقى جعرانه بالأرض( المصباح المنير: ص 97« جرن»).
[10]. السّوق: جمع ساق؛ وهو ما بين الكعب والركبة( انظر: النهاية: ج 2 ص 423« سوق»).
[11]. المَراغِم: جمع مَرغَم؛ وهو الأنف( لسان العرب: ج 12 ص 246« رغم»).