استعداد لتقديم أي تنازل أو مُساوَمة حتّى بالنّسبة إلى هؤلاء فإنّ معنى ذلك هو أنّ على الآخرين أن يقتنعوا بأنّه منسجم مع نفسه، و مقتنع بصحّة ما جاء به، و يريد لأحبّ الناس إليه، الذين لا يريد لهم إلّا الخير، أن يكونوا في طليعة المؤمنين الّذين يضحون بكلّ غالٍ و نفيسٍ في سبيل هذا الدّين. و قد رأينا أنّ النّصارى قد تنبّهوا إلى ذلك في قضيّة المباهلة، فراجع.
و من الجهة الأخرى؛ فإنّه يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على أساس قِبلي فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسيّة و مصيريّة و حين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القِبليّه كعنصر فعّال في حماية مواقفه و تحقيق أهدافه؛ فإنّ من اللّازم، أن يتّخذ من ذوي قرباه موقفاً صريحاً، و يضعهم في الصّورة الواضحة، و أن يهيّىء لهم الفرصة ليحدّدوا مسئوليّاتهم بحريّة و صراحة و صفاء، بعيداً عن أي ضغط و ابتزازٍ و لو كان هذا الضّغط من قبيل العرف القِبلي فيما بينهم؛ لأنّه عرفٌ مرفوض إسلاميّاً.
و هنا تبرز واقعيّة الإسلام في تعامله مع الأمور، و في معالجته للقضايا؛ الإسلام الّذي لا يرضى أن يستغلّ جهل النّاس و بساطتهم، و حتّى أعرافهم الخاطئة الّتي ارتضوها لأنفسهم في سبيل منافعه و تحقيق أهدافه.
و على كلّ حال، فقد خرج (ص) من ذلك الاجتماع بوعدٍ أكيد من شيخ الأبطح؛ أبي طالب (ع) بالنّصر والعون؛ فإنّه لمّا رأى موقف أبي لهب اللّا إنساني، و اللّا معقول، قال له: «يا عورة، والله لننصرنّه، ثم لنعيننّه!! يا ابن أخي، إذا أردت أن تدعو إلى ربّك فأعلِمنا، حتّى نخرج معك بالسّلاح».[1]
ب. علي (ع) في يوم الإنذار
و نجد في يوم الإنذار، أنّ اختيار النّبيّ (ص) يقع علي أميرالمؤمنين (ع) ليكون المضيف لجماعة يناهز عددها الأربعين رجلًا، فيأمره بأن يصنع طعاماً و