أكلوا و شربوا، قال لهم رسول الله (ص): يا بني عبدالمطّلب! إنّي والله ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدّنيا و الآخرة. و قد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه؛ فأيُّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيّي و خليفتي فيكم؟
قال: فأحجم[1] القوم عنها جميعاً، و قال علي: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثمّ قال: إنّ هذا أخي و وصيّي و خليفتي فيكم، فسمعوا له و أطيعوا.
قال: فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لا بنك و تطيع.[2]
نقاط هامّة في حديث الإنذار
ألف. لماذا تخصيص العشيرة بالدّعوة؟
لا يخفى أنّ الاهتمام بدعوة عشيرته الأقربين كان خير وسيلة لتثبيت دعائم دعوته و نشر رسالته؛ لأنّ الإصلاح يجب أن يبدأ من الدّاخل، حتّى إذا ما استجاب له أهله و قومه، اتّجه إلى غيرهم بقَدم ثابتةٍ و عزم راسخٍ و مطمئن.
كما أنّ دعوته لهم سوف تمنحه الفرصة لاكتشاف عوامل الضّعف و القوّة في البنية الدّاخليّة، من حيث ارتباطاته و علاقاته الطّبيعيّة، و ليعرف مقدار الدّعم الّذي سوف يلاقية؛ فيقدر موافقه و إقدامه على أساسه.
أضف إلى ذلك: أنّه حين يبدأ بالأقربين من عشيرته و لا يبدو أنّه على
[2] 2. راجع هذه القضيّة في: تاريخ الطبري، ج 2، ص 63، و مختصر تاريخ أبي الفداء، ج 2، ص 14، و شواهد التنزيل، ج 1، ص 372 و 421، و كنز العمّال، ج 15، ص 16 و 117 و 113 و 130. و تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام علي بتحقيق المحمودي، ج 1، ص 87 و 88، و شرح النهج للمعتزلي، ج 13، ص 244.