إنّه بعد السّنوات الثّلاث الأولى، بدأت مرحلة جديدة و خطيرة و صعبة، هي مرحلة الدّعوة العلنيّة إلى الله تعالى.
و قد بدأت أوّلًا على نطاق ضيّق نسبيّاً، حيث نزل عليه (ص) قوله تعالى: «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ»[1] فيقول المؤرّخون ما ملخّصه:[2] إنّه لمّا نزلت هذه الآية دعا عليّاً (ع)، فأمره أن يصنع طعاماً و يدعو له بني عبدالمطّلب ليكلّمهم و يبلّغهم ما أُمر به.
فصنع علي (ع) صاعاً من طعام، و جعل عليه رِجلَ شاة، و مِلأَعَساً من لبن، ثمّ دعاهم، و هم يومئذٍ أربعون رجلًا، يزيدون رجلًا، أو ينقصونه؛ فيهم أعمام النّبيّ (ص): أبوطالب، حمزة، العبّاس و أبولهب، فأكلوا.
قال علي (ع): فأكل القوم، حتّى ما لهم بشىءٍ من حاجة، و ما أرى إلّا موضع أيديهم، و أيم الله الّذي نفس عليّ بيده، و إن كان الرّجل الواحد منهم ليأكل ما قُدّمت لجميعهم.
ثمّ قال: إسقِ القوم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه، حتّى رووامنه جميعاً، و أيم الله، إن كان الرّجل الواحد منهم ليشرب مثله. فلمّا أراد رسول الله (ص) أن يكلّمهم، بَدَرَه أبولهب، فقال: لَقَدِماً سَحَركم صاحبكم، فتفرّق القوم و لم يكلّمهم الرّسول (ص) فأمر (ص) عليّاً (ع) في اليوم الثّاني أن يفعل كما فعل آنفاً، و بعد أن