إلّا من خطب خديجة و رام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك، فلمّا تزوّجها رسول الله (ص) غضب عليها نساء قريش و هجرنها و قلن لها: خطبكِ أشراف قريش و أمراؤهم فلم تتزوجي أحداً منهم، و تزوّجتِ محمداً يتيم أبي طالب، فقيراً لا مال له. فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة يتزوّجها أعرابي من تميمٍ و تمتنع من سادات قريش و أشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذووالتّميز و النّظر أنّه من أبين المحال و أفظع المقال؟!»[1] و أمّا الرّد على ذلك بأنّه لا يمكن أن تبقى إمرأة شريفة و جميلة هذه المدّة الطّويلة بلا زواج، فليس على ما يرام؛ لأنّ ذلك لا يبرّر رفضها لعظماء قريش و قبولها بأعرابي من بني تميم.
و أمّا كيف يتركها أبوها أو وليّها بلا تزويج؟ فقد قلنا إنّ أباها قد قتل في حرب الفِجار أو قبلها، و أمّا وليّها، فلم يكن له سلطة الأب ليجبرها على الزّواج ممّن أراد. و بقاء المرأة الشّريفة و الجميلة مدّة بلا زواج ليس بعزيز إذا كانت تصبر إلى أن تجد الرّجل الفاضل الكامل الّذي كان يعزّ وجوده في تلك الفترة.
ثالثاً؛ كيف لم يعيّرها زعماء قريش الّذين خطبوها فرَدَّتهم، بزواجها من أعرابي بَوّالٍ على عقبيه كعتيق أو غيره؟!
رابعاً؛ قد ذكروا أنّ أوّلَ شهيد في الإسلام ابن لخديجة (ع) اسمه الحارث بن أبي هالة، استشهد حينما جهر رسول الله (ص) بالدّعوة.[2] و ذلك لا يمكن قبوله؛ حيث قد رُوي بسند صحيح عندهم، عن قتادة، أنّ أول شهيد في الإسلام هو سميّة والدة عمّار[3]، و كذا روي عن مجاهد.[4]