أنّها تتحرّس به، و لا يكون فيها للعدوّ مطمع، فساءهم ذلك ....
فأرجفوا و قالوا: لم يستخلفه رسول الله (ص) إكراماً له و إجلالًا و مودّة، و إنّما خلّفه استثقالًا له.
فلمّا بلغ أميرالمؤمنين (ع) إرجاف المنافقين به، أراد تكذيبهم و إظهار فضيحتهم، فلحق بالنّبي (ص)، فقال: يا رسول الله، إنّ المنافقين يزعمون أنّك خلّفتني استثقالا و مقتاً؟ فقال النّبيّ (ص): ارجع يا أخي إلى مكانك، فإنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، فأنت خليفتي في أهل بيتي، و دار هجرتي و قومي، ألا ترضي أن تكون بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدى؟ ...».[1]
جيش الإسلام في تبوك
عن حُذيفة و معاذ بن جبل، قال: إنّه خرج مع رسول الله (ص) عام تبوك، فكان يجمع بين الظّهر و العصر، و بين المغرب و العشاء ... ثمّ قال: «إنّكم ستأتون غداً إن شاء الله تعالى عين تبوك، و إنّكم لن تأتوها حتّى يضحى النّهار، فمن جاءها، فلايمسّ من مائها شيئاً حتّى آتى».
و عن عُروة: أنّ النّبيّ (ص) حين نزل تبوك، و كان في زمانٍ قلّ ماؤها فيه، فاغترف غرفة بيده من ماء فمضمض بها فاه، ثمّ بصقه فيها، ففارت عينها، حتّى امتلأت. فهي كذلك حتّى السّاعة.[2] قالوا: و لمّا وصل رسول الله (ص) تبوك، كان هِرَقْل بِحِمْص و لم يكن يُهِمّ بالّذي بلغ رسول الله عنه من جمعه، و لا حَدَّثْتَه نفسه بذلك.[3] فوجّه إليه النّبيّ (ص)
[1] 1. البحار، ج 21، ص 207 و 208، و الإرشاد، ج 1، ص 156
[2] 2. سبل الهدى و الرشاد، ج 5، ص 453 451 عن أبي نعيم و عن البيهقي في الدّلائل
[3] 3. إنّا نقبل من هؤلاء أن يقولوا: إنّ فلاناً لم يفعل الشّىء الفلاني، و لكنّ لا نقبل منهم أن يقولوا: إنّ فلاناً لم يهمّ بالأمر الفلاني، لأنّ الهمّ بالشىء فعل قلبّي قد تصاحبه بعض الحركات باتّجاه ما يهمّ به، و قد يخلو عنها. و أمّا أن يقول قائل لنا: إنّفلاناً لم تحدّثه نفسه بالشّىء الفلاني، فذلك ما لا يمكن قبوله من أحدٍ إلّا من نبي أو وصي نبي، لأنّه قول يستبطن العبث بنا و الاستخفاف بعقولنا، و هذا ما لا نرضاه لأنفسنا، لأنّه من إنسان لم يطلعه الله على غيبه، و لا أوقفه على ما يكنه ضمائر عباده.