المباهلة[1]، غزوة تبوك؛ عند الرّجوع بغنائم خيبر[2] و مواقف كثيرة أخرى.
و ذلك كلّه يشير إلى أنّ عليّاً (ع) شبيه بهارون في جميع مزاياه، و أَظْهَرُها شراكته في الأمر، و وزارته، و شدّ أذره، و إمامته للنّاس في غياب أخيه موسى (ع).
ثالثاً: إنّه لو كانت خلافة أميرالمؤمنين (ع) لرسول الله (ص) منحصرة في أهله (ص) لوقعت المنافات بين صدر الرّواية و ذيلها؛ فإنّ صدرها يقول: إنّه يستخلفه في أهله، و ذيلها يجعله منه كهارون من موسى، مع أنّ هارون إنّما خلّف موسى في قومه لا في أهله.
و صرّحت الآية: بأنّ موسى قد طلب من الله أن يجعل له هارون أخاً و شريكاً له في الأمر الّذي هو إمامة النّاس و قيادتهم.
لماذا خلّف عليّاً في المدينة؟
قال الشّيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه، و نعم ما قال: «و قال: يا علي إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، و ذلك أنّه (ص) علم خبث نيّات الأعراب و كثير من أهل مكّة و مَن حولها، ممّن غزاهم و سفك دماءهم، فأشفق أن يطلبوا المدينة عند نَأيه عنها و حصوله ببلاد الرّوم، فمتى لم يكن فيها مَن يقوم مقامه، لم يؤمن من مَعَرَّتِهم[3] و إيقاع الفساد في دار هجرته، و التّخطّي إلى مايشين أهله، و مخلّفيه.
و علم أنّه لا يقوم مقامه في إرهاب العدوّ و حراسة دار الهجره و حياطة من فيها إلّا أميرالمؤمنين (ع)، فاستخلفه استخلافاً ظاهراً و نصّ عليه بالإمامة من بعده نصّاً جليّاً، و ذلك فيما تظاهرت به الرّواية أنّ أهل النّفاق لمّا علموا باستخلاف رسول الله (ص) على المدينة حسدوه لذلك و عظم عليهم مقامه فيها بعد خروجه، و علموا
[1] 1. البحار، ج 21، ص 343، و المناقب للخوارزمي، ص 108، العمدة لابن البطريق، ص 46
[2] 2. الأمالي للصدوق، ص 85، و المناقب للخوارزمي، ص 76 و 96
[3] 3. المَعَرَّة: المساءة و الإثم و الأذى و الجناية.