قالوا: لمّا حاصر رسول الله (ص) الطّائف أربعين ليلة، أو ثلاثين ليلة، أو قريباً من ذلك و لم ينل منهم شيئاً، آثر (ص) أن يرفع الحصار عنهم و يرجع بمن معه إلى الجِعْرانة حيث الأسرى و الغنائم، و دعا حين ركب قافلًا: «اللّهم اهدهم و اكفنامؤنتهم»[1] و قال لأصحابه، حين أرادو أن يرتحلوا: «قولوا: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، و نصر عبده، و أعزّ جنده، و هزم الأحزاب وحده».[2] ثمّ إنّه جاء في بعض النّصوص أنّ النّبيّ (ص) حين ترك الحصار أطلق تهديداته القويّة لأهل الطّائف: بأنّه سوف يرميهم بعلي (ع) ليضرب أعناق مقاتليهم و يُسبي ذراريهم أو يقيمون الصلاة و يؤتون الزّكاة.
و يمكن تفسير و توضيح ذلك بمايلي:
1. أنّه (ص) بتحرّكاته تلك حيث كان يتركهم ثمّ يعود إليهم في أوقات مختلفة كأنّه يريد أن يُفهم أهلَ الطّائف عملًا لا قولًا أنّهم غير متروكين و أنّ عليهم أن يتوقعوا مفاجأتهم في كلّ وقت و زمان، و بديهي أنّه لا يمكنهم العيش في مثل هذه الأجواء الصّعبة.
2. أنّه (ص) قد أطلق تهديداته لهم بأنّهم إن لم يستجيبوا لنداء المنطق و العقل، فسوف يرميهم بأخيه علي (ع)؛ الّذي أذا قهم وحده طعم الهزيمة المُرّة و الذّليلة قبل أيامٍ يسيرة و حين كانوا قد جمعوا عشرات الألوف، فهل يمكنهم الصّمود في وجهه بعد أن تفرّق النّاس عنهم و أصبحوا وحدهم، و قد قطعت عنهم جميع الإمدادات؟