فقاتلهم رسول الله (ص) بالرّمي عليهم، و هم يقاتلونه بالرّمي من وراء الحصن، فلم يخرج إليه أحد، و كثرت الجراحات له من ثقيف بالنّبل.[1] و شاور رسول الله (ص) أصحابه في أمر الحصن، فقال له سلمان الفارسي: يا رسول الله، أرى أن تنصب المنجنيق[2] على حصنهم، فإنّا كنّا بأرض فارس ننصب المنجنيقات على الحصون، فنصيب من عدوّنا: فأمره رسول الله (ص)، فعمل منجنيقاً بيده، فنصبه على حصن الطّائف، و هو أوّل منجنيق رُمي به في الإسلام.[3] و عن مكحول: إنّ رسول الله (ص) نصب المنجنيق على أهل الطّائف أربعين يوماً.[4] و لكنّه كان قليل الجدوي، لم يكن يؤثّر على حصونهم و لا على أعصابهم، فاستعملوا نوعاً آخر من الأسلحة، كان لبعض القبائل المقيمة بأسفل مكّة علمٌ بها و هو الدّبابة.[5] ولكن رجال الطّائف كانوا من المهارة، بحيث أكرهوا هؤلاء على أن يلوذوا بالفرار، فقد أرسلت ثقيف بِسِكَكِ الحديد المُحْماةُ بالنّار، فَخَرَّقتِ الدّبابةَ، فخرج المسلمون من تحتها و قد أصيب منهم من أصيب، فرمتهم ثقيف بالنّبل، فَقُتِل منهم رجالٌ.[6]
و لم يبق للنّبي (ص) من وسيلة للضّغط عليهم إلّا الالتجاء إلى تقطيع الأعناب و الأشجار و تحريقها، عساهم يستسلمون عندما يرون أملاكهم قد تعرّضت للخطر، و بدلا من أن يستسلموا، أرسلوا إلى النّبيّ (ص) يناشدونه أن يكفّ عنها لأصحابها أو يأخذها لنفسه، فأمر عند ذلك أصحابه بالكفّ عنها.