آخرهم، فلم يسمعها رجل إلّا رمى بنفسه إلى الأرض، فانحدروا إلى حيث كانوا من الوادي، حتّى لحقوا بالعدوّ فقاتلوه».[1] يظهر من سياق رواية المفيد: أنّ النّاس لم يصغوا إلى نداء العبّاس، بل مرّوا على وجوههم في هزيمتهم، فلمّا ناداهم النّبيّ (ص): «أين ما عاهدتم الله عليه»؟ لم يسمعها رجل إلّا رمى بنفسه إلى الأرض، الخ. فلا يصحّ قولهم: إنّ عودة الأنصار كانت لسماعهم نداء العباس.[2] غير أنّ لنا تحفّظاً على قوله: «لحقوا بالعدوّ فقاتلوه» إذ إنّ الدّلائل و الشّواهد تشير إلى أنّهم لم يقاتلوهم.
ب. هزيمة المشركين على يد علي (ع)
و قد ذكرت الرّوايات: أنّه لمّا عاد الأنصار للقتال، قال رسول الله (ص):
«الآن حَمِيَ الوطيس».[3] و نقول: إنّ الهزيمة للمشركين قد حصلت على يَدَي علي (ع)، فإن كان قد قال هذه الكلمة، فقد قالها حين اشتدّ القتال بين المشركين و بين علي (ع)، لا بين المسلمين بعد عودتهم و المشركين؛ إذ إنّهم بعد عودتهم لم يرمِ أحدٌ منهم بسهمٍ، و لم يطعن برمحٍ و ذلك لمايلي:
1. روي عن أنس و عِكرمة، قالا: لمّا انهزم المسلمون بحنين و رسول الله (ص) على بغلته الشَّهباء و كان اسمها دُلْدُل فألزقت بطنها بالأرض، فأخذ رسول الله (ص) حفنةً من تراب، فرمى بها في وجوههم و قال: «حم لا يُنْصرون»، فانهزم
[1] 1. البحار، ج 21، ص 167 و راجع: ص 156 و 157، و الإرشاد، ج 1، ص 142
[2] 2. راجع على سبيل المثال: سبل الهدى و الرشاد، ج 5، ص 323، و مجمع البيان، ج 5، ص 17 و 18، و المعجم الكبير للطّبراني، ج 7، ص 299، و الثقات، ج 2، ص 69
[3] 3. سبل الهدى و الرشاد، ج 5، ص 328، و إعلام الورى، ص 122، و البحار، ج 21، ص 157 و 167.