قالوا: دخل رسول الله (ص) مكّة بغير إحرامٍ و عليه السّلاح و مكث في منزله ساعة من النّهار حتّى اطمأنّ النّاس، فاغتسل و ركب راحتله القَصواء و قد حفّ النّاس به.
فلمّا انته إلى الكعبة، استلم الرّكن بِمِحْجَنِه[1]، و كبّر، فكبّر المسلمون بتكبيره فرجّعوا التّكبير، حتّى ارتجّت[2] مكّة تكبيراً، حتّى جعل رسول الله (ص) يشير إليهم أن اسكتوا؛ و المشركون فوق الجبال ينظرون.
و طاف رسول الله (ص) بالبيت، فأقبل على الحجر فاستلمه، ثمّ طاف بالبيت.[3] ثمّ انته المقام، فصلّى ركعتين، ثمّ انصرف إلى زمزم، فأطلع فيها، و نزع له العبّاس بن عبدالمطّلب دلواً فشرب منه و تَوَضَّأ،[4] و المسلمون يبتدرون وضوء رسول الله (ص) يصبّونه على وجوههم، و المشركون ينظرون إليهم و يتعجّبون و يقولون: ما رأينا مَلِكاً قطّ أبلغ من هذا و لا سمعنا به.
و أمر بِهُبَل، فَكُسِرَوهو واقف عليه. فقال الزّبير لأبي سفيان: يا أباسفيان، قد كُسِرَ هبل، أَما إنّك قد كنت منه يوم أحد في غرورٍ حين تزعم أنّه أَنْعَم. قال: دع عنك هذا يابن العوّام، فقد أرى لو كان مع إله محمّد غيره لكان غير ما كان.[5] و كان حول الكعبة ثلاثمائة و ستّون صنماً مرصّعةً بالرّصاص، و كان هبل أعظمها و هو وِجاه الكعبة[6] و إساف و نايلة حيث ينحرون و يذبحون الذّبائح و في