قول له لا. و فيما هم كذلك و أبوسفيان يهزّه الحقد و البغض و إذاً برسول الله (ص) و هو على ناقته القَصْواء، فقال العبّاس: هذا رسول الله (ص).
فجعل أبوسفيان ينظرو يرتعد و كان قد حشد في تلك الكتيبة وجوه المهاجرين و الأنصار، و الألوِية والرّيات و كلّهم منغمسون في الحديد لا يُرى منهم إلّا الحَدَق،[1] و في الكتيبة ألفا دارع، و راية رسول الله (ص) مع سعد بن عبادة الأنصاري و هو أَمام الكتيبة.
فلمّا مرّ سعد برايَة رسول الله (ص) نادى أباسفيان، فقال: اليوم يوم المَلْحَمة،[2] اليوم تُسْتَحَلّ الحُرُمة، اليوم أذلّ الله قريشاً.
فأرسل رسول الله (ص) إلى سعد، فنزع اللّواء من يده، و جعله إلى ابنه قيس، و يقال: إنّ رسول الله (ص) أمر عليّاً (ع)، فأخذ الرّاية، فذهب بها إلى مكّة حتّى غَرَزها[3] عند الرّكن.
قال الحافظ: والّذي يظهر في الجمع: أنّ رسول الله (ص) أرسل عليّاً لينزعها و أن يدخل بها.[4] و في نصّ آخر: إنّ أباسفيان سعى إلى رسول الله (ص) و أخذ بِغَرْزِه[5]، فقبّله و قال: بأبي أنت و أمّي، أما تسمع ما يقول سعد؟ إنَّه يقول:
اليوم يوم الملحمة اليوم تُسبى الحُرُمة
فقال لعلي (ع): أدركه، فخُذِ الرّاية منه و كن أنت الّذي يدخل بها و أدخِلْها
[2] 2. المَلْحَمة: الحرب و موضع القتال و الجمع ملاحم، مأخوذ من اشتباك النّاس و اختلاطهم فيها كاشتباك لُحمة الثّوب بالسّدى و قيل: هي من اللّحم، لكثرة لحوم القتلى فيهما