أيّة قطرة دمٍ في حرم الله تبارك و تعالى. و لابدّ من أن يقارن الكثيرون من أهل مكّة و غيرهم بين هذه السّياسة مع صناديد قريش و كلّ رجالها و بين ما فعله أهل مكّة أنفسهم بالخزاعيّين الأبرياء من الصّبيان و النّساء و الرّجال الضّعفاء، في حين أنّ قريشاً لو تمكنّت من الحرب لأبادت هذا الجيش القادم في نفس بيت الله و حرمه.
قالوا: و أمر رسول الله (ص) منادياً ينادي: لتصبح كلّ قبيلة قد أرحلت و وقفت مع صاحبها عند رايته و تُظهر ما معها من الأَدات و العُدّة. فأصبح النّاس على ظَهر[2] و قدّم بين يديه الكتائب. و مرّت القبائل على قادتها، و الكتائب على راياتها.[3] فأوّل مامرّ به خالد بن الوليد في بني سليم و هم ألف ... فلمّا مرّوا بأبي سفيان كبّروا ثلاث تكبيرات، ثمّ مضوا. فقال أبوسفيان: يا عبّاس، مَن هؤلاء؟ قال: هذا خالد بن الوليد. و هكذا أخذت القبائل تمرّ به الواحدة تِلْوَ الأخرى. و كلّما مرت قبيلة بحذائه كبّرت ثلاثاً و أبوسفيان يسئل عنها و العبّاس يجيبه، إلى أن مرّت جميع الكتائب و لم يبق إلّا الكتيبة الّتي فيها رسول الله (ص).
فلما طلعت كتيبة رسول الله (ص) الخضراء[4] و طلع سواد شديد، وغَبْرَةٌ من سنابك الخيل[5] و جعل النّاس يمرّون، و أبوسفيان يقول: أما مرّ محمّد؟ و العبّاس
[1] 1. الكتائب: جمع كتيبة و هي الطائفة من الجيش المجتمعة