كانوا مع من انضمّ إليهم أكثر من مائتي ألفٍ، و المسلمون ثلاثة آلافٍ.
و على هذا سُمّي هذا نصراً و فتحاً باعتبار ما كانوا فيه من إحاطة العدوّ و تراكمهم و تكاثرهم عليهم و كان مقتضي العادة أن يُقْتَلوا بالكليّة.[1] مع أنّ هناك طائفة من الدّلائل و الشّواهد على أنّ الأمر لم يكن كما زعموا، فلاحظ ما يلي:
1. حدّث رجل من بني مُرّة كان في الجيش: أنّه لما قتل ابن رواحة، نظرت إلى اللّواء قد سقط، و اختلط المسلمون و المشركون، فنظرت إلى اللّواء في يد خالدٍ منهزماً، و اتّبعناه فكانت الهزيمة.[2] 2. يروي الواقدي عن محمّد بن صالح عن رجل من العرب عن أبيه: أنّه لمّا قتل ابن رواحة انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قطّ في كلّ وجه، ثم تراجعوا، و كان ثابت بن أقرم قد أخذ اللّواء ... ثمّ أعطاه لخالد، فأخذه خالد، فحمله ساعة، و جعل المشركون يحملون عليه، فثبت حتّى تَكَرْكَرَ[3] المشركون، و حمل بأصحابه، ففضّ جمعاً من جمعهم، ثمّ دهمه منهم بشر كثيرٌ، فانحاش[4] المسلمون، فانكشفوا راجعين.[5] 3. و عن ابن كعب بن مالك قال: حدّثني نفر من قومي حضروا يومئذٍ قالوا: لمّا أخذ خالد اللّواء انكشف بالنّاس، فكانت الهزيمة، و قُتل المسلمون، و اتّبعهم، المشركون، فجعل قُطبة بن عامر يصيح: يا قوم، يُقْتَل الرّجل مُقبلًا أحسن من أن يقتل مدبراً، يصيح بأصحابه، فما يثوب إليه أحدٌ؛ هي الهزيمة و يتبعون صاحب
[1] 1. السيرة الحلبيّة، ج 3، ص 68 و سبل الهدى و الرشاد، ج 6، ص 150
[2] 2. المغازي، ج 2، ص 762، و تاريخ مدينة دمشق، ج 68، ص 87