لتخرجنّه، أو لنستعنّ[1] عليكم العرب، أو لنسيرنّ إليكم بأجمعنا، حتّى نقتل مقاتلتكم و نستبيح نساءكم.
فلمّا بلغ ذلك ابن أُبَيّ و من معه، تراسلوا؛ فاجتمعوا، و أجمعوا لقتال النّبيّ (ص)؛ فلمّا بلغ ذلك النّبيّ (ص) و أصحابه لقيهم في جماعة، فقال:
لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت لتكيدكم بأكثر ممّا تريدون أن تكيدوا به أنفسكم. فأنتم هؤلاء تريدون أن تقتلوا أبناءكم و إخوانكم.
فلمّا سمعوا ذلك من النّبيّ (ص) تفرّقوا، فبلغ ذلك كفّار قريش، و كانت وقعة بدر.[2]
الانتداب إلى بدر
و في السّنة الثّانية، في السّابع عشر من شهر رمضان المبارك كانت حرب بدر العظمى بين المسلمين و مشركي مكة.
و ذلك أنّ العير الّتي طلبها المسلمون في غزوة العُشَيْرَة[3]، و أفلتت منهم إلى الشّام، ظلّ النّبيّ (ص) يترقّبها، حتّى علم بعودتها، و كانت بقيادة أبي سفيان مع ثلاثين، أو أقلّ، أو أربعين، أو سبعين راكباً.
و فيها أموال قريش، حتّى قيل: إنّ فيها ما قيمته خمسون ألف دينار في ذلك الوقت الّذي كان فيه للمال قيمة كبيرة.
فندب رسول الله (ص) المسلمين للخروج إليها، فانتدب النّاس، فخفّ بعضهم
[3] 3. كانت غزوة العشيرة بعد غزوة بواط في جمادي الأولى، من السّنة الثّانية من هجرته و وادع فيها بني مدلج و حُلفاءَ هم من بني ضمرة، ثمّ رجع إلى المدينة، و لم يلق كيداً( راجع: سيرة ابن هشام، ج 2، ص 249 248).