أو .. لماذا لا يرجعون إلى علي (ع)؟ الذي يقول عنه أبو عبد الرحمان السلمي:
«ما رأيت ابن انثى أقرأ لكتاب اللّه تعالى من علي».
و قال أيضا: «ما رأيت أقرأ من علي، عرض القرآن على النبيّ (ص)، و هو من الذين حفظوه أجمع بلا شك عندنا»[2].
و قال ابن مسعود: «ما رأيت أحدا أقرأ من علي بن أبي طالب للقرآن»[3].
و بعد .. فهل يزيد الشاهدان على كل هؤلاء، في الثقة و الجلالة، و العلم و الضبط؟! و هؤلاء أليسوا اكثر من شاهدين، و قد جاء توثيقهم، و الأمر بالرجوع إليهم- في قراءة القرآن- على لسان رسول اللّه (ص)؟!.
و الاعجب من ذلك: أن كل واحد من هؤلاء الكبار، يصر على القراءة، حسب ترتيب مصحفه. و لا يعير المصحف الذي جمعه زيد أي اهتمام!! حتى لتشيع قراءاتهم في الأمة، و تنتشر بعد ذلك؛ بصورة مطردة، إلى أن حزمت الهيئة الحاكمة أمرها، و تصدّت للقضاء على كل ما لا يوافق السبيل الذي هي عليه ..
بل إن بعضهم، حينما أصر عثمان على جمع المصاحف، و عدم السماح إلا لمصحفه بالانتشار، و التداول.- إن هذا البعض- و هو ابن مسعود، يمتنع عن تسليم مصحفه لهم، كما هو معروف و مشهور[4].
[2] راجع: الغدير، للعلامة الامينى ج 6 ص 308 عن: طبقات القراء ج 1 ص 546، و عن: مفتاح السعادة ج 1 ص 351.
[3] المناقب، لابن شهر آشوب ج 2 ص 42. يحتمل أن يريد بذلك: أنه اكثر الناس في قراءة القرآن من حيث الضبط و الحفظ، و يحتمل أن يريد: أنه كثير القراءة له، و يحتمل إرادته لكلا الأمرين.
[4] شهرة هذا الأمر، تغني عن ذكر مصادره، و إن شئت فراجع: مستدرك الحاكم ج 2 ص 228-- و تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 170 و طبقات ابن سعد ج 2 قسم 2 ص 105 و الايضاح لابن شاذان ص 225 و فتح الباري ج 9 ص 36 و 44 و تاريخ القرآن للابياري ص 111 و التراتيب الادارية ج 2 ص 284 و التمهيد في علوم القرآن ج 1 ص 290 عن المصاحف للسجستاني ص 15.