فأجابه علي عليه السلام:

«يا أبه إن محمداً لصادق فيما يقول، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وانّ محمداً عبده ورسوله»([163]).

وعند البحث في مدلولات هذا الحوار ظهر ما يلي:

1 ــ أراد أبو طالب عليه السلام أن يتأكد من حقيقة دخول ولده علي عليه السلام إلى هذا الدين، وأن وقوفه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤدي الصلاة لم يكن عن دافع المتابعة العاطفية التي تربط النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الإمام علي عليه السلام؛ بل أن هذا الوقوف في الصلاة كان معبراً عن صدق يقينه ورسوخ إيمانه.

ولذا تراه عليه السلام نطق بالشهادتين، وإلا كان قوله عليه السلام: «يا أبه ان محمداً لصادق فيما يقول» فيه كفاية تدل على وقوف ولده علي عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن نطقه بالشهادتين كان دليلاً يقدمه لأبيه على صدق إيمانه وتمسكه بدينه.

2 ــ إنّ نطق الإمام علي عليه السلام بالشهادتين يكشف عن كمال عقله وفطنته من جهة، ومن جهة أخرى يظهر جميل ذوقه وأدبه، ولطف بره بوالده، إذ نقل لأبيه كيف ينطق الشهادتين دون أن يسأل عنهما أبو طالب عليه السلام إذ المفروض أن يتوجه أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فيسأله عن كيفية الدخول إلى هذا الدين، أهو عبارة عن هذه الصلاة التي رآهم يؤدونها، أم إنه شيء آخر؟.

[163] شرف المصطفى للحافظ الخركوشي: ص 24، «مخطوط» يرقد في مكتبة الأسد بدمشق ويحمل الرقم «1887».