التخاطب, و((مفهوماً نظريّاً أكثر منه واقعاً تجريبيّاً وفعليّاً))([390])،
ولكنّ المركز الذي أصبح يشغله القارئ, أدّى به إلى غياب ملامح واضحة لكلّ مُتلقٍّ ذكرته
النظرية في مبادئها التنظيرية، من هنا فإنّ
((حرية القارئ تعني حرية القراءة ومِن
ثَمَّ حرية النّص، وهي حرية تؤول أخيراً إلى حرية الثّقافة وتعدّدها وانفتاحها))([391]),
وعندها فالقارئ ليس سوى ((مؤلف ضمني للنّص من حيثُ كونُه حاضراً في ذهن المُؤلف
الفعليّ حضوراً كاملاً، وهذا الحضور
يأخذ أبعاداً حقيقية في صياغة النّص واختياره، وفي حدوث أنواع من الحوار والمناقشة
داخل النص))([392]).
إذنْ إنّ هذه المُنطلقات تستهدف, وتدعو - في الوقت نفسه - إلى ((الاستكشاف
والتعرف على قارئ موجود. هو قارئ تأريخي وجد منذ عصور اللغة المبكرة، أو في الأقل
منذ ظهور نصوص توصف بالإبداعية. أنّه قارئ يحضر ويغيب، يزور النّص حيناً ويهجره
أحياناً، يحب ويكره، يفهم ويسيء
الفهم، يبني ويهدم، يخلص ويخون أنّه يتصرّف مع النّص في حرّية تامّة، لا يتحكم فيه قانون ولا سلطة.. وأكثر أنواع
العلاقات حرية هي حرية القارئ مع المقروء))([393]). على وفق
هذا المفهوم المطلق فإنّ ((عملية التلقّي، ليست متعة جمالية خالصة تنصب على الشَّكل، ولكنّها
عملية مشاركة