331. تفسير العيّاشي عن جابر: قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام رَحِمَكَ اللَّهُ، مَا الصَّبرُ الجَميلُ؟ فَقالَ:

ذاكَ صَبرٌ لَيسَ فيهِ شَكوى‌ إلَى النّاسِ، إنَّ إبراهيمَ بَعَثَ يَعقوبَ إلى‌ راهِبٍ مِنَ الرُّهبانِ، عابِدٍ مِنَ العُبّادِ، في حاجَةٍ، فَلَمّا رَآهُ الرّاهِبُ حَسِبَهُ إبراهيمَ، فَوَثَبَ إلَيهِ فَاعتَنَقَهُ، ثُمَّ قالَ: مَرحَباً بِخَليلِ الرَّحمنِ.

قالَ يَعقوبُ: إنّي لَستُ بِإبراهيمَ، ولكِنّي يَعقوبُ بنُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، فَقالَ لَهُ الرّاهِبُ: فَما بَلَغَ بِكَ ما أرى‌ مِنَ الكِبَرِ؟

قالَ: الهَمُّ وَالحُزنُ وَالسُّقمُ. فَما جاوَزَ صَغيرَ[783] البابِ حَتّى‌ أوحَى اللَّهُ إلَيهِ: أن يا يَعقوبُ، شَكَوتَني إلَى العِبادِ! فَخَرَّ ساجِداً عِندَ عَتَبَةِ البابِ يَقولُ: رَبِّ لا أعودُ، فَأَوحَى اللَّهُ إلَيهِ: إنّي قَد غَفَرتُها لَكَ فَلا تَعودَنَّ إلى‌ مِثلِها.

فَما شَكا شَيئاً مِمّا أصابَهُ مِن نَوائِبِ الدُّنيا، إلّاأنَّهُ قالَ يَوماً: «إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ».[784]

332. تفسير القمّي: سُئِلَ أبو عَبدِاللَّهِ عليه السلام: ما بَلَغَ مِنَ حُزنِ يَعقوبَ عَلى‌ يوسُفَ؟ قالَ: حُزنُ سَبعينَ ثَكلى‌ بِأَولادِها، وقالَ: إنَّ يَعقوبَ لَم يَعرِفِ الاستِرجاعَ، ومِن هُنا قالَ: «وا أسَفاً على يوسُفَ». فَقالوا لَهُ: «قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ» أيه لا تَفتَؤُ[785] عَن ذِكرِ يوسُفَ‌ «حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً» أي مَيتاً «قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ» «قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ»[786].[787]

[783]. في بعض المصادر:« عتبة» بدل« صغير».

[784]. تفسير العيّاشي: ج 2 ص 188 ح 57 و ص 189 ح 61 نحوه، سعد السعود: ص 120 كلاهما عن الإمام الصادق عليه السلام، التمحيص: ص 63 ح 143، مشكاة الأنوار: ص 482 ح 1602 نحوه، بحارالأنوار: ج 12 ص 310 ح 123 وراجع: تفسير ابن أبي حاتم: ج 7 ص 2186 ح 11883.

[785]. ما فَتأتَ: أي ما زِلتَ( مفردات ألفاظ القرآن: ص 625« فتئ»).

[786]. يوسف: 85 و 86.

[787]. تفسير القمّي: ج 1 ص 350، بحارالأنوار: ج 12 ص 242 ح 10.