ولأن دوام صناعة القداسة وإنتاج المقدس يستلزم مواد أولية وسياسة تسويقية وأسواقاً يتلاقف المشترون فيها المقدس فقد احتاجت السلطات منذ القرن الأول للهجرة وإلى يومنا هذا إلى إعمال العقل في جانب وحاكمية الجهل في جانب آخر بحسب مقتضيات الملك لا مقتضيات الدين ليصبح كل ما يخدم السلطة وأدواتها مقدساً وهو ما سنعرض له في المسألة القادمة.

المسألة الثالثة: إعمال العقل أم حاكمية الجهل

إن أخطر ما يواجهه كثير من أصحاب الخطاب الديني ــ حينما يكون الهدف هو الحفاظ على نفوذهم ــ هو إعمال العقل، وذلك أن تفكير الإنسان بما وقع من بعض الرموز الإسلامية من مخالفات صريحة للقرآن والسنة ــ كما أسلفنا ــ يجر بالعقل إلى التحكيم والانقياد إلى النتائج التي تلزم العاقل بالعدول عن هذه الرموز وتجريدها من قدسيتها ومن ثم سلطتها عليه في اتباعها ودوام نفوذها.

مما يعني تهديم تلك العروش التي بنيت على أكتاف الدين، وعلى إغفال العقل، ونفوذ الجهل فيكون هو الحاكم الذي يكبل الإنسان ويسجنه في تلك الظلمات التي أوجدها المتأسلمون.

وعليه: سعى بعض أصحاب الخطاب الديني منذ القرن الأول وإلى يومنا هذا إلى إغفال العقل وتقييده من خلال تلك الفتاوى والآراء القائلة: (إن لا دور للعقل مقابل الوحي) والعلة في ذلك أنهم يرون في أنفسهم أنهم