ولذلك:

لم يكن خروج النبي وهو في هذه الحالة الا حينما علم ان أبا بكر هو من يصلي بالناس فأراد إبطال هذه الصلاة وهو ما دل عليه حديث الامام علي عليه السلام الذي كشفه شيخ ابن ابي الحديد المعتزلي في حديثه معه فقال:

(فقلت له رحمه الله: أفتقول انت: ان عائشة عينت اباها للصلاة ورسول الله لم يعينه؟ فقال: اما انا فلا اقول ذلك، ولكن عليا كان يقوله، وتكليفي غير تكليفه،كان حاضرا ولم اكن حاضرا، فانا محجوج بالاخبار التي اتصلت بي وهي تتضمن تعيين النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابي بكر في الصلاة، وهو محجوج بما كان قد علمه او يغلب على ظنه من الحال التي كان حضرها)[223].

ثالثا: خروج ابي بكر الى السنح وتركه المدينة يدل على ابطال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصلاته بالناس فلم يستطع مواجهتهم

ولذلك: نجد أن ابا بكر خرج مباشرة الى السنح بعد ان اتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة فذهب الى بيت النبي فأخبر عائشة بانه خارج الى السنح؛ فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الزوال وظهر الخلاف بين الصحابة ذهب سالم ابن عبيد وراء ابي بكر الى السنح فأعلمه بموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء ابو بكر من منزله بالسنح حين بلغه الخبر فدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكشف عن وجهه وتحقق انه مات[224].

وكان نزوله من السنح قد تزامن مع نزول أسامة بن زيد من الجرف إلى المدينة؛ بعد أن جاءه رسول أم أيمن ليخبره بخبر الوفاة[225].

[221] شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي:ج9 ص198.

[222] السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص484.

[223] تلقيح فهوم الأثر لابن الجوزي: ص79 ط مكتبة الأدب بالقاهرة.