بدأت
الصورة الحسية مركزة على الصمت ولكنه أي صمت؟ انه الصمت الناطق الذي يجري مجرى
الصخب في كيان الشاعر، فثمة علاقة بين صمته الذي بدأ به نصه والقول الذي ختم به
نصه، لقد تغلغل الايقاع مع الصورة وأصبح الصدى نغمة ذات تأثير في المتلقي، وكانت
صورتها الحسية كامنة فيها؛ لان "الكلمة تحاكي في ايقاعها معناها كما يحاكي
الهديل صوت الحمامة والخرير صوت الماء[61]" ليساعد ذلك على إضفاء وقع موسيقي خاص للنص،
ومن ثم جذب انتباه المتلقي, فحصلت مواءمة بين البحر الذي ركبه الشاعر والمضمون،
فنتج عن ذلك وقع موسيقي حملته الصورة الحسية السمعية؛ لان الصورة السمعية تعتمد
على ادراك الاصوات وتصورها وما تفعله في النفس فضلا عن الايقاع[62]، وقد ادى المنبر الحسيني دورا مهمافي ذلك من
خلال الاستهلال عند تقديم المراثي الحسينية، فأصبح الشاعر يعول كثيرا على البحور
التي تمنح النفس إطالةً في مد الصوت مع استيعاب ظاهرة الشجن، فهناك علاقة خفية بين
الصوت والمعنى[63]؛ لان الصوت صدى للمعنى[64].