responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معرفة العقيدة نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 280

ووحشته، وهو لمن لم يعِشْ إلا لبدنه، ولم يعطِ اهتماماً إلّا لحياة الجسد ولذّته لن يجد منه إلا بيتَ دودٍ وقذارة وقيح وصديد، ولن يجد منه إلا منظراً بشعاً منفّراً مفزعاً.

وهو لمن أكرم نفسه بطاعة الله سبحانه، ونوّر قلبه بعبادته روضة من رياض الجنّة، ولمن أساء لنفسه، وأفسد قلبَه بمعصية الله، والخروجِ من طاعته إلى طاعة العبيد والهوى حفرةٌ من حفر النّار، ومحطّةٌ من محطّات العذاب.

ومتى يُواجَهُ أحدنا بذلك المآل، أو بهذا المصير؟ قد لا يكون الفاصل إلَّا ساعات يسيرة، والمعبر ليس بالطويل‌ [1].

إن امرءاً لم يعش فكر الآخرة، وينفصلُ في كلّ حياته عن شعورها، وليس له شي‌ءٌ من همّها وهدفها، ويفرّ بعيداً كلّ البعد في دنياه عن كلّ خبر من خبرها، وعن كلّ ما يتصل بها لا بدَّ أن يعيش غربة القبر، ومن لم يكن له أنس إلا أنس الشهوات الدنيا ما حلَّ منها أو حرُمَ، ولا أُلفة له إلا بأسبابها، ولا احتضان من نفسه إلّا للذائذها، ولا تطيب نفسه شعوراً إلا بأهلها، ولا تهدأ إلا بمجالسة ومعاشرة ومسامرة فُسّاقها وفجّارها لا بدَّ أن يلقى في القبر وحشة قاتلة تلفّ وجوده كلّه، وتستولي عليه، وتغرِق كلّ ذاته وآناته.

وتبدو أهوال القبر، وأجواؤه السّوداء الكالحة، وألوان عذابه لعدوّ الله وهو يُحمل إليه، وقبل أن يُودَعه فيُقدِّمُ الوعظ لمن بعده، ويُسدي النّصيحة والإنذار والتّحذير وهو على نعشه لمن خلّفه من إخوان له في غيّه أو على خلاف ضلالته، وفي هذا ما جاء عن الرسول صلي الله عليه وآله: «إِذَا حُمِلَ عَدُوُّ اللَّهِ إِلَى قَبْرِهِ، نَادَى مَنْ تَبِعَهُ: يَا إِخْوَتَاهْ، احْذَرُوا مِثْلَ مَا وَقَعْتُ فِيهِ، إِنِّي لَأَشْكُو إِلَيْكُمْ دُنْيَا غَرَّتْنِي، حَتَّى إِذَا اطْمَأْنَنْتُ إِلَيْهَا صَرَعَتْنِي، وَأَشْكُو إِلَيْكُمْ أَخِلَّاءَ الْهَوَى‌


[1]. هذا كلام نعيشه الآن خيالا، أما بعد ساعة وساعتين فقد أعيشه واقعا وحقيقة. «منه حفظه الله»

نام کتاب : معرفة العقيدة نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست