إذا أخذنا بنظر
الاعتبار ما ذكره المقريزيّ في باب ( ذكر الأذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف ) وربطنا ذلك بما توصّلنا إليه من السير التاريخيّ لمسألة الأذان فيما
يخصّ المسألة المبحوثة وشعاريّتها ، وما أُثير حولها من
محاولات عامدة للحؤول دون ترسيخها في قلوب المسلمين ،
وجمعنا ذلك مع ما بحوزتنا من رواياتنا ورواياتهم فسنحصل على ثمرة يانعة تشفي غليل
المتطّلع الى الحقيقة ، وعلى نتيجة جليّة لا غبار عليها ،
ويستبين عندئذ أنّها لا تتعدَّى كونها في أصلها شعيرة إلهيّة وشعاراً إسلاميّاً
أصيلاً يحمل وراءه نهجاً إسلامياً فكرياً يتبع « الرمز »
القدوة الحسنة الذي دعا القرآن الكر يم إلى الاقتداء به ، ويرمي بعيداً كلّ ما يمتّ بِصلة إلى الاجتهاد بالرأي والاستحسان
المقابل لمنهجيّة التعبّد المحض ؛ ذلك أن « حيّ
على خير العمل » سنّة
نبويّة ، أمّا « الصلاة
خير من النوم » فهي دعوة
مُستحدَثة لا تمثل جانباً من رؤية الإسلام .
ولدى مرورنا
بالنصوص والأحداث سنوضح ـ وفق منهجنا ـ ملابسات المسألة خلال الصراع الأموي العلوي ثمّ الصراع العباسي
العلوي ، والسلجوقي البويهي ، والأيوبي الفاطمي ، وكيفية نشوء الحركات الشيعية في الأمصار ،
وذلك فيه التجسيم الحقيقي للصراع بين الرفض والإذعان ،
أو قل صراع الأصوليين الإسلاميين ضد الحكّام الأمويين أو العباسيين ومن حذا حذوهم .
لأنّ أصحاب النهج
الحاكم ـ أمويّين وعباسيّين وغيرهم ـ كانوا يَدْعُون إلى
اتّباع سيرة الشيخيين على نحو الخصوص . أما الثوار
والمعارضون من الطالبيين فكانوا يذهبون إلى شرعية خلافة الإمام عليّ وأولاده
المعصومين ويَدْعون الناس إلى اتّباع نهج عليّ وولده .
وقد بدأ الخلاف بين
النهجين أولاً في موضوع الخلافة ومن هو الأحّق بها ،
وهل هناك تنصيب من الله ، أم أنّ الأمر شورى بين الأمة ـ أو
أصحاب الحَلّ