الانس و موطن الفردانيّة، و كتب عليها الفرار عن دار الفراق، و الوحشة و الخلاص عن محلّ الظّلمة و الكدورة، و هذا أيضاً من مودعات حضرة الجمع و الأحديّة كما قال الشيخ «صاحب الفتوحات»: و القابل من حضرة الجمع [1].
و القيّوم جلّ برهانه و عظم شأنه و سلطانه حيثما أحبّ بالحب المُستكنّ في ذاته المُقدّسة إظهار الكنوز المُختفية من حضرة الغيب إلى الشهادة، و من مقام الجمع إلى التفصيل؛ لرؤية ذاته المُقدّسة في المرائى الخلقيّة، و شهود الظاهر المُبدع في المظاهر المُبدعيّة، تجلّى بالفيض المُقدّس الإطلاقي و الاسم الأعظم المُعبّر عنه تارة بالمشيّة المُطلقة، و اخرى بالولاية الكليّة، و ثالثة بالرحمة الواسعة، و رابعة بالحقيقة المحمديّة، و خامسة بعلويّة عليّ عليه السلام، و سادسة بنفس الرحمن و مقام حضرة العلميّة، إلى غير ذلك من الإشارات و العبارات حسب اختلاف المقامات.
و هذا الفيض النازل من حضرة الجمع هو الواحد المُتكثّر، و الدليل على ذلك من وجهين نقلي و عقلي:
أمّا النقلي: فقوله تعالى شأنه و عظمت قدرته: «أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً»[3] حيث عبّر عن حضرة الجمع و الهويّة الغيبيّة بالسماء لسموّ مرتبته و علوّ شأنه، و تنزّهه عن جميع النقائص، و تقدّسه عن قاطبة الكثرات، و عن تجلّيه تعالى في هياكل المُمكنات و ظهوره في مظاهر الموجودات و عبور فيضه عن عوالم المُجرّدات إلى غواسق الماديّات و من عوالي عالم الجبروت إلى سوافل عالم