الناسوت بالنزول، و عن الفيض النازل من سماء الأحديّة إلى الأراضي الخلقيّة و العطاء المُفاض على العباد و الرحمة الواسعة في البلاد بالماء الذي به حياة الأشياء، و عن هياكل الماهيّات و شيئيّات المُتعيّنات بالأودية، و عن اختلاف مراتب استعداداتها و تشتّت منازل قبولها بالقدر.
و معلوم أنّ الفيض الواحد النازل في تلك المنازل المُتعدّدة، الراحل في هذه المراحل المتشتّتة يتكثّر بتكثّرها و يتطوّر بتطوّرها و يتعيّن بتعيّنها، فأفاد تعالى جدّه وحدة الفيض النازل ذاتاً و تكثّره عرضاً في أودية الماهيّات بأحسن بيان و أجمل تبيان.
و في آثار أهل بيت النبوّة و معدن العلم و الحكمة إشارات و رموزات و تلويحات و تصريحات إلى ما ذكرنا أكثر من أن تحصى [1].
و أمّا العقلي: فلما حُقّق في مدارك أرباب الحكمة المتعالية [2] أنّ الوجود مع وحدته ذو مراتب متفاوتة طولًا و عرضاً بالعرض، و هذا ممّا صدّقه البرهان، و وافقه كشف أصحاب القلوب و العرفان، فليس التكثّر في الوجود بحسب الذات و الحقيقة، و ليس فيه حيث و حيثيّة و لا تفرّق و غيريّة في أىّ منزل من المنازل كان، و في أىّ صورة من الصور بان، و في كلمات أصحاب القلوب و المعرفة و أرباب السلوك و الطريقة ما يفيد ما ذكرنا تلويحاً و تصريحاً أكثر من أن تحصى [3] و لم يحضرني الآن من كتبهم فمن أراد فليرجع إليها.
و أمّا سائر الموجودات المُتعيّنة حتّى القاطنين في عالم العقل و المتوطّنين في وعاء الدهر ليست من ذاتها الوحدة و التفرّد و يعرض لها التكثّر، كما أفاد هذا العارف