و کان احتکاک الشعوب بعضها ببعض، و تعارفها و اختلاطها، و تعاملها فیما بینها، قد أحدثت التطوّر السریع. و لا بدّ لنا أن نقول بارتباط اللّغة بالهندسة الفکریّة، و الوعی الإنسانی، و استطلاعاته، و إلّا لما کانت مثلًا للّغة العربیّة کلّ هذه الضوابط المطردَة، و القواعد العامّة التی لا تخلو عامّتها من حکمة و تعقّل و تجرید.
علاقة اللّفظ بالمعنی
و هناک اتجاهات أُصولیّة، تعرّض لها علماء الأُصول، فی الترابط بین المعنی و اللّفظ، و تتلخّص فی هذه الموارد: 1- اختصاص اللّفظ بالمعنی بعد الوضع و التخصیص «1». 2- جعل اللّفظ علامة علی إرادة المعنیٰ «2». 3- علاقة اللّفظ بالجعل و الاعتبار، علی أساس واقع خارجی «3». 4- الاتحاد بین اللّفظ و المعنی فی عالم الاعتبار «4». 5- العلقة الحاصلة بین اللّفظ و المعنی بواسطة جعل اللّفظ «5». 6- الرّبط بالملازمة و العلقة الحاصلة بین اللّفظ و المعنیٰ بالجعل «6». إلّا أنّه لیست مشکلة البحث ممّا تقتصر علی الترابط بین اللّفظ و المعنیٰ، بعد الاطِّلاع علیها، بقدر ما تکون المشکلة فیمن وضعها، و أوجد فیها هذه العلقة و الترابط. أمّا بعد الوضع، فلا بدّ و أن یکون بینهما هذا الترابط الدائم، و العلقة التصوریّة ______________________________ (1) کفایة الأُصول. (2) الأصفهانی. (3) العراقی. (4) البجنوردی. (5) المشکینی. (6) الخوئی.