بالقوّة من وجه له من حیث هو بالقوّة أن یخرج إلی الفعل بغیره من حیث هو غیره و إلّالم یکن ما بالقوّة ما بالقوّة، و هذا الخروج إمّا بالتدریج أو دفعة، و الخروج بالمعنی الأعمّ من الأمرین یعرض لجمیع المقولات، فإنّه لا مقولة إلّاو فیها خروج عن قوّة لها إلی فعل لکنَّ المصلح علیه فی استعمال لفظ الحرکة هو ما کان خروجاً لا دفعة فهو المسمّی بالحرکة، و عدم ذلک الخروج عن الموضوع القابل هو المسمّی بالسکون؛ فحقیقة الحرکة هو الحدوث التدریجی أو الحصول أو الخروج من القوّة إلی الفعل یسیراً یسیراً أو بالتدریج أو لا دفعة و کلّ هذه العبارات صالحة لتحدید الحرکة.

و لیس لک أن تقول: الدفعة عبارة عن الحصول فی الآن، و الآن عبارة عن طرف الزمان، و الزمان عبارة عن مقدار الحرکة فقد انتهی تحلیل تعریف الدفعة و هو جزء هذا التعریف إلی الحرکة فقد أخذ الشیء فی تعریف نفسه و هو الدور المستحیل، و کذلک إذا قلنا یسیراً یسیراً أو بالتدریج فإنّ کلا منهما لایعرف إلّابالزمان الّذی لا یعرف إلّابالحرکة.

لأنا نقول کما قال بعض الفضلاء: إنّ تصوّرات هذه الامور أی الدفعة و التدریج و نحوه بدیهیة بإعانة الحس علیها و إن کان معرفتها بحدودها محوجة إلی مقوماتها الذاتیة من الزمان و الآن فذلک هو المحتاج إلی البرهان، فمن الجائز أن یعرف حقیقة الحرکة بهذه الامور ثمّ یجعل الحرکة ذریعة لمعرفة الزمان و الآن اللّذین أحدهما مقدارها و الآخر طرف مقدارها و هما سببا هذه الامور الأوّلیة التصوّر. و هکذا حال کثیر من الامور الّتی هی ظاهرة الإنیة خفیة الماهیة و حینئذ لا یلزم الدور. و هذا الجواب ممّا ذکره صاحب المطارحات، و استحسنه الإمام الرازی فی المباحث المشرقیة لکنّ المتقدمین لم یلتفتوا إلی هذا التعریف لاشتماله علی دور خفی إذ لابد أن یعتبر فی تلک الامور الإنطباق علی أمر ممتد تدریجی الحصول و لذلک قال الشیخ فی الشفاء: جمیع هذه الرسوم یتضمّن بیاناً دوریاً فاضطر مفیدنا هذه الصناعة إلی ان سلک مسلکاً آخر؛ فالقدماء عدلوا عن ذلک فقالوا: الحرکة ممکن الحصول و کلّ ما یمکن حصوله للشیء فإنّ حصوله کمال لذلک الشیء فإذن الحرکة کمال لما یتحرّک، و لکنّها تفارق سائر الکمالات من حیث إنّه لا حقیقة لها إلّاالتعدی إلی الغیر و السلوک إلیه، فما کان کذلک فله لا محالة خاصیتان إحداهما إنّه لابد هناک من مطلوب ممکن الحصول لیکون التوجه توجّهاً إلیه. الثانیة إنّ ذلک التوجّه مادام کذلک فإنّه بقی منه شیء بالقوّة فإنّ المتحرّک إنّما یکون متحرّکاً بالفعل إذا لم یصل إلی المقصود فما دام کذلک فقد بقی منه