جواب آخر : وهو ان لفظه الخبر والمراد منه النهي ، كقوله تعالى
﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾
[1] أي أمنوه ، وكقول الرسول عليه السلام ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) [2] ، لأن المؤمن قد يلدغ من جحر مرارا كثيرة .
فلو كان خبرا حقيقة لامتنع لدغه مرتين ، للأخبار الصادرة عن الرسول عليه السلام ، لأنه لا يقول إلا حقا .
فإن قيل : هذه نكرة في طريق النفي ، وهي تفيد العموم ، كقولهم ( لا رجل في الدار ) .
فيكون تقدير كلامه عليه السلام : لا ضلالة على الأمة .
فالجواب : من شرط النكرة أن تلي ( لا ) من غير فصل ، ولذلك ( إن )
نصب ، لأن التقدير لا رجل في الدار ، فلما حذف حرف الخافض انتصب الاسم .
وليس كذلك ههنا ، لأن الفعل والفاعل فاصل بينهما ، فهي بخلاف ما قيل
، فلا بد إذن من إمام ويكون ذلك الإمام معصوما لا يجوز عليه ما يجوز على
الأئمة من السهو والغلط وتعمد الباطل بحيث يحفظها ويتلافى ما يحدث فيها ،
لأن تركها بغير حافظ إهمال لها ، ولا يجوز ذلك من حيث العدل والحكمة .
دليل آخر على وجوب العصمة :يجب أن يكون الإمام معصوما أفضل الخلق ، أعلم الأمة بأحكام الشريعة وأشجعهم وأعرفهم بالسياسة .