والدليل على عصمته هو : أن العلة المحوجة إلى إمام جواز ارتفاع
العصمة عن الرعية ووقوع الخطأ منهم ، لأنهم لو كانوا معصومين لما احتاجوا
إلى إمام كالملائكة .
والإمام لا يخلو من أن يكون معصوما أو غير معصوم ، فإن كان معصوما
فهو الغرض ، وإن لم يكن معصوما فقد شارك الرعية في علة الحاجة إلى الإمام ،
فيجب أن يكون له إمام ، والكلام في إمامه كالكلام فيه فيؤدي إلى الترامي ،
وهو باطل .
فوجب كون الإمام معصوما .
دليل آخر : الإمام إذا لم يكن معصوما لم يؤمن منه أن يواقع ما يستحق
به التأديب والحد ، ولا يقيم على ذلك إلا إمام بلا خلاف بين الأمة فيه .
فيحتاج أن يكون له إمام وللامام إمام أبدا ، أو ينتهي من يؤمن منه
مواقعة ما يستحق به التأديب والحد ، ولا يكون ذلك إلا الإمام المعصوم ،
فوجب كون الإمام معصوما .
دليل آخر : الأمة قد اختلفت في أحكام شرعية لم ينطق بها الكتاب ولا
توجد في السنة المقطوع بها ، فلا بد من إمام معصوم ليعلم منه تلك الأحكام
على صحة ، لأن أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا إلا إذا كانت
موافقةللكتاب العزيز أو السنة المقطوع بها أو الإجماع أو الدليل العقلي ،
والرأي والقياس ليسا بطريقين إلى العلم [1] بالأحكام الشرعية عند الفرقة
المحقة .