فإن قيل : الغرض بنصب الإمام يتقيد بالأحكام الشرعية ، فيكون نصبه تبعا لها ، وإذا لم يكن الأصل معلوما عقلا فالفرع أولى بذلك .
فالجواب : الغرض به تقوية دواعي المكلفين إلى الطاعة وترك المعصية ،
وذلك بعد الواجبات والمقباحات العقلية والشرعية ، فإذا وجبت الشرعيات كانت
الإمامة لطفا في العقليات .
فإن قيل : لو كانت الإمامة واجبة على الله تعالى لعلمت الصحابة ذلك
أو معظمهم ، لكن لو علموا ذلك لما عولوا على نصب إمام وتفحصوا عن ذلك
الإمام الذي نصبه الله تعالى [ .
لا يقال : لعل الصحابة لا تعلم ذلك ، وإن علمه آحاد منهم لم يتمكنوا
من الإعتراض على النافين ، كما أن النص على علي عليه السلام [ كان ]
معلوما وعجز العارفون به عن الإعتراض عن المعولين على الإختيار .
لأنا نقول : أما ذهاب ذلك على جملة الصحابة فبعيد ، إذ يستحيل أن
يدعى ان آحاد الأمة [2] أعرف بطرق النظر من الصحابة أجمع ، وأما تمثيل
ذلك بالنص ، فظاهر البطلان ، لأن ما شهد به العقل يمكن اثباته عند كل عاقل ،
ولا كذلك ما يدعيه ناقل النص ، لأنه يخبر بما سمعه ، فجائز أن يجحد دعواه .
فاجواب : العلم بنصب الإمام علم نظري لا ضروري ، والعلم النظري قد يذهب على كثير .