يريد الحاكم إلا ما يقتضي مصلحتهم ، فيقبح منه أن لا يقيم لهم من يمضي فيهم ذلك الحكم إذا لم يتول [1] بنفسه .
وكذلك يذمون كل والي مصر أو راعي قطيعة يغيب عنهم غير مخلف من يقوم فيهم مقامه مع عدم الموانع ويوبخونه .
والباري سبحانه وتعالى هو الحاكم على الإطلاق ، وقد تعلق به أحكام المكلفين ، بل ليس لغيره التصرف فيهم على الإطلاق .
وإنفاد كل ما يقوم الرئيس القاهر الآمر الزاجر العادل فيهم مصلحة
لهم ،وهو لا يريد إلا ما يقتضي مصلحتهم ولا يقوم بنفسه بجيمع ذلك ، فيقبح
منه أن لا يقيم فيهم من يقوم بها ، أي يجب عليه نصب الإمام لهم .
وهو [ تعالى ] لا يخل بواجب ولا يفعل قبيحا بالوجهين اللذين تقدما ، فيجب عليه تعالى نصب الإمام .
طريق للحكماء : قالوا : الإنسان مدني الطبع ، أن لا يمكن تعيشه إلا
باجتماعه مع أبناء نوعه ، ليقوم كل واحد بشئ مما يحتاجون إليه في معاشهم من
الأغذية والملبوسات والأبنية وغير ذلك ، فيتعاونوا في ذلك ، إذ يمتنع أن
يقدر واحد على جميع ما يحتاج إليه من غير معاونة غيره .
وإذا كان كل إنسان مجبولا على شهوة وغضب ، فمن الممكن أن يستعين من أبناء نوعه من غير أن يعينهم ، فلا يستقيم أمرهم إلا بعدل .
ولا يجوز أن يكون مقرر ذلك العدل أحد منهم من غير مزية ، إذ لو كان كذلك