النفسانية الآجلية ، وينكب على طلبها شكا منه في الآجلية وثقة
منها بالعاجلية ، وكان النقص لو كان لاثواب لهذه الانفس التي هجرت في طاعة
الله لذاتها ، وطلبت ما عنده ولا عقاب للانفس التي أقبلت على طلب العاجلة
وأعرضت عن أوامر الله تعالى ، مع إرساله تبارك وتعالى الرسل لتحذيرهم
الغرور بالعاجل الفاني في عدل الله تعالى متوهما .
وكان عدل الله تعالى متنزها عن أن يتوهم فيه نقص ، كان من ذلك الايجاب بأن للانفس جزاء .
إذا الجزاء واجب ثابت .
البرهان الرابع : لما كانت رحمة الله تعالى تامة ، وكان الله قد
أرسل الرسل ليمنع عباده عن اللذات والشهوات المردية الدنية ، وكان لو كان
لا وجود لما هو خير من اللذات المحسوسات الدنية النقص لما منعهم من اللذات
بما لم يكن له أصل لاحقا برحمته .
وكانت رحمة الله منزهة عن أن يتوهم فيها نقص .
كان من ذلكالعلم بأن للانفس في ترك المنهي عنه من اللذات العاجلية
وفعل المأمور به ما هو خير منها لها ، وهو جزاؤها على تركها وفعلها ، إذا
الجزاء واجب ثابت .
البرهان الخامس : لما كان الله تعالى أبدع عالم العقل والنفس فجعله
دارا فائضة منها بركات كلمة الله تعالى على ما هو دونه فيضا ، ودافعة إلى
الانفس كرامات وحدانية الله تعالى دفعا ، وكانت جواهر الانفس في قبول ما
يلمع في ذواتها بما تكتسب علما وعملا كالمرايا تهيا ، ومصيرها بكونها مما
يجانس عالم العقل والنفس إليه ، وجب من حيث كون الانفس قابلة ، وعالم العقل
والنفس دارا فائضة أن يكون لها مصيرها بعد اكتساب العلم والعمل قبول لفيض