لكانت لا تعدو البهائم ، ولا تعرف شيئا تتميز به عنها كما نشاهده
من حال الاطفال وغيرهم في خلوهم من علم ما دنا منهم إدراكه بحسهم فضلا عما
نأى عنهم إدراكه بنفوسهم ، إلا بدليل ، وهاد ، ومعلم .
كان من ذلك العلم بأنها عاطلة الذات من صور الاشياء وتعلمها ، خالية
من معارفها ، إذ لو لم تكن خالية عاطلة لكانت تعرف الاشياء وتعلمها بوجود
ذاتها ، واستغنى عن الاكتساب والتعلم ، ولا استحقت اسم العاملة .
كما أنها لما كانت حية بوجود ذاتها لم تعدم الحياة واستحقت اسم الحياة ، ولم تحتج [1] إلى اكتساب ما به تصير حية ، لكونها حية .
وكما أنها لما كانت قادرة فاعلة بوجود ذاتها من حركة وقدرة عليها لم
تعدم القدرة والفعل واستحقت اسم القادرية والفاعلية ، ولم تحتج [2] إلى
اكتساب ما به تصير قادرة وفاعلة .
ولما كانت عاطلة الذات من العلم خالية ، ثبت أنها غير عالمة ، وإذا
ثبت أنها غير عالمة وكانت مكانا للمعارف بكونها جوهرا ثبت أنها محتاجة إلى
العلم لتمامية ذاتها .
إذا النفس في ابتداء وجودها غير عالمة ، وهي محتاجة إلى التعليم .
البرهان السابع : لما كان الموت ترك النفس استعمال كل الاعضاء التي
يجمعها الشخص من يد ، ورجل ، وعين ، وأذن ، وأنف ، ولسان ، وغير ذلك مما في
الاحشاء ، والبطن ، ، وتحريكها .
وكانت الاشخاص تستحق اسم الحياة باستعمال النفس أبعاضها