البرهان الرابع : نقول : إن كل شئ اتحد بحد شئ فهو عينه ومثله ،
ولما كان حد الجوهر أنه قابل للمتضادات من غير استحالة عن ذاته ، وكانت
النفس المحرك لشخص البشر قابلة للمتضادات مثل العلم ، والجهل ، والشجاعة ،
والجبن ، والسخاء ، والبخل ، من غير استحالة عن ذاتها ، وكان كل قابل
للمتضادات من غير استحالة عن ذاته جوهرا ، كانت النفس جوهرا .
البرهان الخامس : لما كان طبيعة الجوهر أن يكون حاملا وطبيعة العرض
أن يكون محمولا ، والجوهر أن يكون قابلا والعرض أن يكون مقبولا ، والجوهر
أن يكون مكانا والعرض أن يكون متمكنا .
وكانت النفس مما يحمل لا مما يحمل ، ويقبل لا مما يقبل ، ويتمكن منه لا مما يتمكن ، كان منه الايجاب أنها موصوفة بصفة الجوهر .
وإذا كانت موصوفة بصفة الجوهر في كونها حاملة لا محمولة ، وقابلة لا
مقبولة ، ومكانا لا متمكنة ، كانت جوهرا ، فإذا النفس جوهر ، وإذا كانت
جوهرا ، كانت قائمة باقية لاتبيد .
البرهان السادس : لما كان العلم صورة الشئ على ما هو به من حال
هيئته ، وماهيته ، وكميته ، وكيفيته ، ولميته ، والعالم هو المتصور بهذه
المعارف ، وكانت " أنفس " [2] البشر عند ابتداء نشوئها لو أمسكت عن
تعليمها معارف الاشياء واحدا بعد واحد بالزمان والمدة